للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وَلَوْ سَقَطَتْ جَرَّةٌ وَلَمْ تَنْدَفِعْ عَنْهُ إلَّا بِكَسْرِهَا ضَمِنَهَا فِي الْأَصَحِّ.

وَيُدْفَعُ الصَّائِلُ بِالْأَخَفِّ، فَإِنْ أَمْكَنَ بِكَلَامٍ وَاسْتِغَاثَةٍ حَرُمَ الضَّرْبُ، أَوْ بِضَرْبٍ بِيَدٍ حَرُمَ سَوْطٌ، أَوْ بِسَوْطٍ حَرُمَ عَصًا، أَوْ بِقَطْعِ عُضْوٍ حَرُمَ قَتْلٌ،

ــ

[مغني المحتاج]

بِالْإِيجَابِ مِنْ رَدِّ السَّلَامِ، وَلَا خِلَافَ أَنَّ مَالَ الْإِنْسَانَ إذَا كَانَ يَضِيعُ بِظُلْمِ ظَالِمٍ وَكَانَ عِنْدَهُ شَهَادَةٌ وَجَبَ عَلَيْهِ أَدَاؤُهَا وَيَعْصِي بِتَرْكِهَا.

(وَلَوْ سَقَطَتْ جَرَّةٌ) مَثَلًا وَهِيَ بِفَتْحِ الْجِيمِ: إنَاءٌ مِنْ فَخَّارٍ عَلَى إنْسَانٍ (وَلَمْ تَنْدَفِعْ عَنْهُ إلَّا بِكَسْرِهَا) جَازَ لَهُ، بَلْ صَرَّحَ الْبَغَوِيّ بِوُجُوبِهِ صِيَانَةً لِرُوحِهِ، وَلَا يُنَافِي ذَلِكَ الْجَوَازَ كَمَا مَرَّ، وَإِذَا كَسَرَهَا (ضَمِنَهَا فِي الْأَصَحِّ) إذْ لَا قَصْدَ لَهَا وَلَا اخْتِيَارَ حَتَّى يُحَالَ عَلَيْهَا، فَصَارَ كَالْمُضْطَرِّ إلَى طَعَامِ غَيْرِهِ يَأْكُلُهُ وَيَضْمَنُهُ، وَالثَّانِي لَا، لِأَنَّهُ دَافِعٌ لِلضَّرَرِ عَنْ نَفْسِهِ، وَصَحَّحَهُ الْبُلْقِينِيُّ تَنْزِيلًا لَهَا مَنْزِلَةَ الْبَهِيمَةِ الصَّائِلَةِ، وَفَرَّقَ الْأَوَّلُ بِأَنَّ الْبَهِيمَةَ لَهَا نَوْعُ اخْتِيَارٍ.

تَنْبِيهٌ: مَحَلُّ الْخِلَافِ أَنْ تَكُونَ مَوْضُوعَةً بِمَحَلِّ غَيْرِ عُدْوَانٍ، فَإِنْ كَانَتْ مَوْضُوعَةً بِمَحَلِّ عُدْوَانٍ كَأَنْ وُضِعَتْ بِرَوْشَنٍ، أَوْ عَلَى مُعْتَدِلٍ لَكِنَّهَا مَائِلَةٌ أَوْ عَلَى حَالَةٍ يَغْلِبُ فِيهَا سُقُوطُهَا لَمْ يَضْمَنْهَا قَطْعًا، قَالَهُ الزَّرْكَشِيُّ: لَكِنْ لَوْ أَبْدَلَ قَوْلَهُ: عُدْوَانٍ بِيَضْمَنُ بِهِ كَانَ أَوْلَى، وَيَضْمَنُ بَهِيمَةً لَمْ يُمْكِنْ جَائِعًا وُصُولُهُ إلَى طَعَامِهِ إلَّا بِقَتْلِهَا وَقَتَلَهَا لِأَنَّهَا لَمْ تَقْصِدْهُ وَقَتْلُهُ لَهَا لِدَفْعِ الْهَلَاكِ عَنْ نَفْسِهِ بِالْجُوعِ فَكَانَ كَأَكْلِ الْمُضْطَرِّ طَعَامَ غَيْرِهِ فَإِنَّهُ مُوجِبٌ لِلضَّمَانِ. فَإِنْ قِيلَ: يُمْكِنُ أَنْ يُجْعَلَ الْأَصَحُّ هُنَا نَفْيَ الضَّمَانِ، كَمَا لَوْ عَمَّ الْجَرَادُ الْمَسَالِكَ فَوَطِئَهَا الْمُحْرِمُ وَقَتَلَ بَعْضَهَا فَإِنَّهُ لَا ضَمَانَ عَلَيْهِ.

أُجِيبَ بِأَنَّ الْحَقَّ ثَمَّ لِلَّهِ تَعَالَى، وَهُنَا لِلْآدَمِيِّ.

ثُمَّ بَيَّنَ كَيْفِيَّةَ دَفْعِ الصَّائِلِ بِقَوْلِهِ: (وَيُدْفَعُ الصَّائِلُ بِالْأَخَفِّ) فَالْأَخَفِّ إنْ أَمْكَنَ، وَالْمُعْتَبَرُ غَلَبَةُ الظَّنِّ (فَإِنْ أَمْكَنَ) دَفْعُهُ (بِكَلَامٍ وَاسْتِغَاثَةٍ) بَغَيْنَ مُعْجَمَةٍ وَمُثَلَّثَةٍ بِالنَّاسِ (حَرُمَ الضَّرْبُ) أَيْ: الدَّفْعُ بِهِ (أَوْ) أَمْكَنَ دَفْعُهُ (بِضَرْبٍ بِيَدٍ حَرُمَ سَوْطٌ، أَوْ) أَمْكَنَ دَفْعُهُ (بِسَوْطٍ حَرُمَ عَصًا، أَوْ) أَمْكَنَ دَفْعُهُ (بِقَطْعِ عُضْوٍ حَرُمَ قَتْلٌ) لِأَنَّ ذَلِكَ جُوِّزَ لِلضَّرُورَةِ، وَلَا ضَرُورَةَ فِي الْأَثْقَلِ مَعَ إمْكَانِ تَحْصِيلِ الْمَقْصُودِ بِالْأَسْهَلِ، وَلَوْ انْدَفَعَ شَرُّهُ كَأَنْ وَقَعَ فِي مَاءٍ أَوْ نَارٍ أَوْ انْكَسَرَتْ رِجْلَهُ، أَوْ حَالَ بَيْنَهُمَا جِدَارٌ أَوْ خَنْدَقٌ لَمْ يَضْرِبْهُ كَمَا صَرَّحَ بِهِ فِي الرَّوْضَةِ. وَفَائِدَةُ التَّرْتِيبِ الْمَذْكُورِ أَنَّهُ مَتَى خَالَفَ وَعَدَلَ إلَى رُتْبَةٍ مَعَ إمْكَانِ الِاكْتِفَاءِ بِمَا دُونَهَا ضَمِنَ. وَيُسْتَثْنَى مِنْ مُرَاعَاةِ التَّرْتِيبِ مَسَائِلُ:

الْأُولَى: لَوْ الْتَحَمَ الْقِتَالُ بَيْنَهُمَا وَاشْتَدَّ الْأَمْرُ عَنْ الضَّبْطِ سَقَطَ مُرَاعَاةُ التَّرْتِيبِ كَمَا ذَكَرَهُ الْإِمَامُ فِي قِتَالِ الْبُغَاةِ. الثَّانِيَةُ: مَا سَيَأْتِي فِي النَّظَرِ إلَى الْحُرَمِ أَنَّهُ يَرْمِي بِالْحَصَاةِ قَبْلَ الْإِنْذَارِ عَلَى خِلَافٍ فِيهِ يَأْتِي.

الثَّالِثَةُ: لَوْ كَانَ الصَّائِلُ يَنْدَفِعُ بِالسَّوْطِ وَالْعَصَا وَالْمَصُولُ عَلَيْهِ لَا يَجِدُ إلَّا السَّيْفَ

<<  <  ج: ص:  >  >>