للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

أَظْهَرُ وَرَجَّحَهُ الْعِرَاقِيُّونَ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ، وَلَوْ قَالَ إنْ دَخَلْت فَعَلَيَّ كَفَّارَةُ يَمِينٍ أَوْ نَذْرٍ لَزِمَتْهُ كَفَّارَةٌ بِالدُّخُولِ، وَنَذْرُ تَبَرُّرٍ بِأَنْ يَلْتَزِمَ قُرْبَةً إنْ حَدَثَتْ نِعْمَةٌ أَوْ ذَهَبَتْ نِقْمَةٌ كَإِنْ شُفِيَ مَرِيضِي فَلِلَّهِ عَلَيَّ أَوْ فَعَلَيَّ كَذَا فَيَلْزَمُهُ ذَلِكَ إذَا حَصَلَ الْمُعَلَّقُ عَلَيْهِ،

ــ

[مغني المحتاج]

الشَّرْحِ (أَظْهَرُ، وَرَجَّحَهُ الْعِرَاقِيُّونَ) بَلْ لَمْ يُورِدْ أَبُو الطَّيِّبِ مِنْهُمْ غَيْرَهُ (وَاَللَّهُ أَعْلَمُ) لِأَنَّهُ يُشْبِهُ النَّذْرَ مِنْ حَيْثُ إنَّهُ الْتِزَامُ قُرْبَةٍ، وَالْيَمِينُ مِنْ حَيْثُ الْمَنْعُ، وَلَا سَبِيلَ إلَى الْجَمْعِ بَيْنَ مُوجِبَيْهِمَا وَلَا إلَى تَعْطِيلِهِمَا فَوَجَبَ التَّخْيِيرُ.

تَنْبِيهٌ: قَضِيَّةُ قَوْلِ الْمُصَنِّفِ فَلِلَّهِ عَلَيَّ عِتْقٌ أَوْ صَوْمٌ أَنَّ نَذْرَ اللَّجَاجِ لَا بُدَّ فِيهِ مِنْ الْتِزَامِ قُرْبَةٍ، وَبِهِ صَرَّحَ فِي الْمُحَرَّرِ، لَكِنَّ الصَّحِيحَ فِي أَصْلِ الرَّوْضَةِ فِيمَا لَوْ قَالَ: إنْ دَخَلْت الدَّارَ فَلِلَّهِ عَلَيَّ أَنْ آكُلَ الْخُبْزَ مِنْ صُوَرِ اللَّجَاجِ، وَأَنَّهُ يَلْزَمُهُ كَفَّارَةُ يَمِينٍ، لَكِنْ هُنَا إنَّمَا يَلْزَمُهُ كَفَّارَةُ يَمِينٍ فَقَطْ؛ لِأَنَّهُ إنَّمَا يُشْبِهُ الْيَمِينَ لَا النَّذْرَ، لِأَنَّ الْمُعَلَّقَ غَيْرُ قُرْبَةٍ، وَمَثَّلَ بِالْعِتْقِ وَالصَّوْمِ لِيُفْهَمَ أَنَّهُ لَا فَرْقَ فِي الْمُلْتَزَمِ بَيْنَ الْمَالِيِّ وَالْبَدَنِيِّ، وَالْعِتْقُ لَا يُحْلَفُ بِهِ إلَّا عَلَى وَجْهِ التَّعْلِيقِ وَالِالْتِزَامِ كَقَوْلِهِ: إنْ فَعَلْت كَذَا فَعَلَيَّ عِتْقٌ فَتَجِبُ الْكَفَّارَةُ وَيَتَخَيَّرُ بَيْنَهَا وَبَيْنَ مَا الْتَزَمَهُ، فَلَوْ قَالَ: الْعِتْقُ يَلْزَمُنِي لَا أَفْعَلُ كَذَا وَلَمْ يَنْوِ التَّعْلِيقَ لَمْ يَكُنْ يَمِينًا، فَلَوْ قَالَ: إنْ فَعَلْت كَذَا فَعَبْدِي حُرٌّ فَفَعَلَهُ عَتَقَ الْعَبْدُ قَطْعًا، أَوْ قَالَ: وَالْعِتْقِ أَوْ وَالطَّلَاقِ بِالْجَرِّ لَا أَفْعَلُ كَذَا لَمْ تَنْعَقِدْ يَمِينُهُ وَلَا حِنْثَ عَلَيْهِ إنْ فَعَلَهُ، وَتَعْبِيرُهُ بِأَوْ لَيْسَ بِقَيْدٍ، بَلْ لَوْ عَطَفَ بِالْوَاوِ، فَقَالَ: إنْ كَلَّمْته فَلِلَّهِ عَلَيَّ صَوْمٌ وَعِتْقٌ وَحَجٌّ وَأَوْجَبْنَا الْكَفَّارَةَ فَوَاحِدَةٌ عَلَى الْمَذْهَبِ، أَوْ الْوَفَاءُ بِمَا الْتَزَمَهُ لَزِمَهُ الْكُلُّ (وَلَوْ قَالَ:) (إنْ دَخَلْت) الدَّارَ (فَعَلَيَّ كَفَّارَةُ يَمِينٍ، أَوْ) كَفَّارَةُ (نَذْرٍ) (لَزِمَتْهُ كَفَّارَةٌ بِالدُّخُولِ) فِي الصُّورَتَيْنِ، وَهِيَ كَفَّارَةُ يَمِينٍ. أَمَّا الْأُولَى فَبِالِاتِّفَاقِ تَغْلِيبًا لِحُكْمِ الْيَمِينِ، وَأَمَّا الثَّانِيَةُ فَلِخَبَرِ مُسْلِمٍ السَّابِقِ، وَاحْتَرَزَ بِقَوْلِهِ فَعَلَيَّ كَفَّارَةُ يَمِينٍ عَمَّا إذَا قَالَ: فَعَلَيَّ يَمِينٌ فَإِنَّهُ يَكُونُ لَغْوًا عَلَى الْأَصَحِّ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَأْتِ بِصِيغَةِ النَّذْرِ وَلَا الْحَلِفِ، وَلَيْسَتْ الْيَمِينُ مِمَّا يَلْتَزِمُ فِي الذِّمَّةِ.

تَنْبِيهٌ: قَوْلُهُ: أَوْ نَذْرٍ مَعْطُوفٌ عَلَى يَمِينٍ كَمَا قَدَّرْت كَفَّارَةً فِي كَلَامِهِ، وَلَا يَصِحُّ أَنْ يَكُونَ مَعْطُوفًا عَلَى كَفَّارَةٍ كَمَا تَوَهَّمَهُ بَعْضُهُمْ، نَبَّهَ عَلَيْهِ شَيْخُنَا فِي شَرْحِ مَنْهَجِهِ، فَإِنَّهُ لَوْ قَالَ: فَعَلَيَّ نَذْرٌ صَحَّ وَيَتَخَيَّرُ بَيْنَ قُرْبَةٍ وَكَفَّارَةِ يَمِينٍ، وَنَصُّ الْبُوَيْطِيِّ: يَقْتَضِي أَنَّهُ لَا يَصِحُّ وَلَا يَلْزَمُهُ شَيْءٌ، فَلَوْ كَانَ ذَلِكَ فِي نَذْرِ التَّبَرُّرِ كَأَنْ قَالَ: إنْ شَفَى اللَّهُ مَرِيضِي فَعَلَيَّ نَذْرٌ، أَوْ قَالَ: ابْتِدَاءً فَلِلَّهِ عَلَيَّ نَذْرٌ لَزِمَهُ قُرْبَةٌ مِنْ الْقُرَبِ وَالتَّعْيِينِ إلَيْهِ كَمَا ذَكَرَهُ الْبُلْقِينِيُّ (وَ) الضَّرْبُ الثَّانِي (نَذْرُ تَبَرُّرٍ) وَهُوَ تَفَعُّلٌ، مِنْ الْبِرِّ، سُمِّيَ بِذَلِكَ لِأَنَّ النَّاذِرَ طَلَبَ بِهِ الْبِرَّ وَالتَّقَرُّبَ إلَى اللَّهِ تَعَالَى، وَهُوَ نَوْعَانِ كَمَا فِي الْمَتْنِ. أَحَدُهُمَا: نَذْرُ الْمُجَازَاةِ وَهُوَ الْمُعَلَّقُ بِشَيْءٍ (بِأَنْ يَلْتَزِمَ) النَّاذِرُ (قُرْبَةً إنْ حَدَثَتْ) لَهُ (نِعْمَةٌ أَوْ ذَهَبَتْ) عَنْهُ (نِقْمَةٌ كَإِنْ شُفِيَ مَرِيضِي) أَوْ ذَهَبَ عَنِّي كَذَا (فَلِلَّهِ عَلَيَّ أَوْ فَعَلَيَّ كَذَا) مِنْ عِتْقٍ أَوْ صَوْمٍ أَوْ نَحْوِهِ (فَيَلْزَمُهُ ذَلِكَ إذَا حَصَلَ الْمُعَلَّقُ عَلَيْهِ) لِقَوْلِهِ تَعَالَى: {وَأَوْفُوا بِعَهْدِ اللَّهِ إِذَا عَاهَدْتُمْ} [النحل: ٩١]

<<  <  ج: ص:  >  >>