للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَمُتَرْجِمًا، وَشَرْطُهُ عَدَالَةٌ، وَحُرِّيَّةٌ، وَعَدَدٌ، وَالْأَصَحُّ جَوَازُ أَعْمَى، وَاشْتِرَاطُ عَدَدٍ فِي إسْمَاعِ قَاضٍ بِهِ صَمَمٌ.

ــ

[مغني المحتاج]

الْخُصُومِ، وَأَنْ يُجْلِسَ كَاتِبَهُ بَيْنَ يَدَيْهِ لِيُمْلِيَهُ مَا يُرِيدُ وَلِيَرَى مَا يَكْتُبُهُ.

(وَ) يَتَّخِذُ (مُتَرْجِمًا) يُفَسِّرُ لِلْقَاضِي لُغَةَ الْمُتَخَاصِمِينَ؛ لِأَنَّ الْقَاضِيَ قَدْ لَا يَعْرِفُ لُغَتَهُمَا فَلَا بُدَّ مِمَّنْ يُطْلِعُهُ عَلَى ذَلِكَ. قَالَ ابْنُ النَّقِيبِ: كَذَا أَطْلَقُوهُ وَلَمْ يَظْهَرْ لِي اتِّخَاذُهُ عَلَى أَيِّ لُغَةٍ، فَإِنَّ اللُّغَاتِ لَا تَكَادُ تَنْحَصِرُ وَيَبْعُدُ أَنَّ الشَّخْصَ الْوَاحِدَ يُحِيطُ بِجَمِيعِهَا وَأَبْعَدُ مِنْهُ أَنْ يَتَّخِذَ مِنْ كُلِّ لُغَةٍ اثْنَيْنِ لِعِظَمِ الْمَشَقَّةِ فَالْأَقْرَبُ أَنْ يَتَّخِذَ مِنْ اللُّغَاتِ الَّتِي يَغْلِبُ وُجُودُهَا فِي عِلْمِهِ، وَفِيهِ عُسْرٌ أَيْضًا (وَشَرْطُهُ عَدَالَةٌ، وَحُرِّيَّةٌ، وَعَدَدٌ) وَلَفْظُ شَهَادَةٍ كَالشَّاهِدِ بِأَنْ يَقُولَ كُلٌّ مِنْهُمَا: أَشْهَدُ أَنَّهُ يَقُولُ كَذَا، فَإِنْ كَانَ الْحَقُّ يَثْبُتُ بِرَجُلٍ وَامْرَأَتَيْنِ كَفَى فِي تَرْجَمَتِهِ مِثْلُ ذَلِكَ كَمَا فِي أَصْلِ الرَّوْضَةِ عَنْ الْأَصْحَابِ، وَإِنْ كَانَ قَضِيَّةُ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ أَنَّهُ لَا يَكْفِي فِي الزِّنَا رَجُلَانِ كَالشَّهَادَةِ عَلَى الْإِقْرَارِ بِهِ (وَالْأَصَحُّ جَوَازُ) تَرْجَمَةِ (أَعْمَى) ؛ لِأَنَّ التَّرْجَمَةَ تَفْسِيرُ اللَّفْظِ الَّذِي سَمِعَهُ فَلَا يَحْتَاجُ فِيهِ إلَى مُعَايَنَةٍ وَإِشَارَةٍ بِخِلَافِ الشَّهَادَةِ الَّتِي قَاسَ عَلَيْهَا الْوَجْهَ الثَّانِي.

تَنْبِيهٌ مَحِلُّ الْجَوَازِ إذَا لَمْ يَتَكَلَّمْ فِي الْمَجْلِسِ إلَّا الْخَصْمَانِ، وَإِلَّا لَمْ يَجُزْ قَطْعًا كَمَا نَقَلَهُ الزَّرْكَشِيُّ عَنْ الْإِمَامِ وَأَقَرَّهُ (وَ) الْأَصَحُّ (اشْتِرَاطُ عَدَدٍ فِي إسْمَاعِ قَاضٍ بِهِ صَمَمٌ) كَالْمُتَرْجِمِ فَإِنَّهُ يَنْقُلُ عَيْنَ اللَّفْظِ كَمَا أَنَّ ذَاكَ يَنْقُلُ مَعْنَاهُ، وَالثَّانِي الْمَنْعُ؛ لِأَنَّ الْمُسْمِعَ لَوْ غَيَّرَ أَنْكَرَ عَلَيْهِ الْخَصْمُ وَالْحَاضِرُونَ بِخِلَافِ الْمُتَرْجِمِ، وَقَضِيَّةُ هَذَا التَّعْلِيلِ أَنَّهُ لَوْ كَانَ الْخَصْمَانِ أَصَمَّيْنِ أَيْضًا اُشْتُرِطَ الْعَدَدُ قَطْعًا، وَبِهِ صَرَّحَ الْقَاضِي الْحُسَيْنُ.

تَنْبِيهٌ لَا بُدَّ فِي الْمُسْمِعِ مِنْ لَفْظِ الشَّهَادَةِ، فَيَقُولُ: أَشْهَدُ أَنَّهُ يَقُولُ كَذَا، وَيَجُوزُ أَنْ يَكُونَ أَعْمَى قِيَاسًا عَلَيْهِ، وَيَكْتَفِي بِإِسْمَاعِ رَجُلٍ وَامْرَأَتَيْنِ فِي الْمَالِ قِيَاسًا عَلَيْهِ أَيْضًا، وَأَشَارَ الْمُصَنِّفُ بِقَوْلِهِ فِي إسْمَاعِ قَاضٍ إلَى التَّصْوِيرِ بِالنَّقْلِ عَنْ الْخَصْمِ إلَى الْقَاضِي، وَأَمَّا إسْمَاعُ الْخَصْمِ الْأَصَمِّ مَا يَقُولُهُ الْقَاضِي وَالْخَصْمُ، فَلَا يُشْتَرَطُ فِيهِ عَدَدٌ؛ لِأَنَّهُ إخْبَارٌ مَحْضٌ، لَكِنْ يُشْتَرَطُ فِيهِ الْحُرِّيَّةُ، وَكَالْأَصَمِّ فِي ذَلِكَ مَنْ لَا يَعْرِفُ لُغَةَ خَصْمِهِ أَوْ الْقَاضِي، وَأَشَارَ أَيْضًا بِقَوْلِهِ فِي إسْمَاعِ قَاضٍ إلَى أَنَّ الْمُرَادَ صَمَمٌ يَسْمَعُ مَعَهُ بِرَفْعِ الصَّوْتِ. أَمَّا إنْ لَمْ يَسْمَعْ أَصْلًا لَمْ تَصِحَّ وِلَايَتُهُ كَمَا مَرَّ فِي شَرْطِ الْقَاضِي.

فُرُوعٌ: لِلْقَاضِي وَإِنْ وَجَدَ كِفَايَتَهُ أَخَذَ كِفَايَتِهِ وَكِفَايَةِ عِيَالِهِ مِمَّا يَلِيقُ بِحَالِهِمْ مِنْ بَيْتِ الْمَالِ لِيَتَفَرَّغَ لِلْقَضَاءِ إلَّا أَنْ يَتَعَيَّنَ لِلْقَضَاءِ وَوَجَدَ مَا يَكْفِيهِ وَعِيَالَهُ، فَلَا يَجُوزُ لَهُ أَخْذُ شَيْءٍ؛ لِأَنَّهُ يُؤَدِّي فَرْضًا تَعَيَّنَ عَلَيْهِ، وَهُوَ وَاجِدُ الْكِفَايَةَ، وَيُسَنُّ لِمَنْ لَمْ يَتَعَيَّنْ إذَا كَانَ مُكْتَفِيًا تَرْكُ الْأَخْذِ، وَمَحِلُّ جَوَازِ الْأَخْذِ لِلْمُكْتَفِي وَلِغَيْرِهِ إذَا لَمْ يُوجَدْ مُتَطَوِّعٌ بِالْقَضَاءِ صَالِحٌ لَهُ، وَإِلَّا فَلَا يَجُوزُ كَمَا صَرَّحَ بِهِ الْمَاوَرْدِيُّ وَغَيْرُهُ،.

وَلَا يَجُوزُ أَنْ يُرْزَقَ الْقَاضِي مِنْ خَاصِّ مَالِ الْإِمَامِ أَوْ غَيْرِهِ مِنْ الْآحَادِ،

<<  <  ج: ص:  >  >>