للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَتُقْبَلُ مِنْ أَصَمَّ، وَالْأَقْوَالُ كَعَقْدٍ يُشْتَرَطُ سَمْعُهَا وَإِبْصَارُ قَائِلِهَا، وَلَا يُقْبَلُ أَعْمَى إلَّا أَنْ يُقِرَّ فِي أُذُنِهِ فَيَتَعَلَّقُ بِهِ حَتَّى يَشْهَدَ عِنْدَ قَاضٍ بِهِ عَلَى الصَّحِيحِ، وَلَوْ حَمَلَهَا بَصِيرٌ ثُمَّ عَمِيَ شَهِدَ إنْ كَانَ الْمَشْهُودُ لَهُ وَعَلَيْهِ مَعْرُوفَيْ الِاسْمِ وَالنَّسَبِ،

ــ

[مغني المحتاج]

عَلَى بِسَاطٍ لِغَيْرِهِ فَغَصَبَهُ غَاصِبٌ أَوْ أَتْلَفَهُ فَأَمْسَكَهُ الْأَعْمَى فِي تِلْكَ الْحَالَةِ وَالْبِسَاطَ وَتَعَلَّقَ حَتَّى شَهِدَ بِمَا عَرَفَهُ جَازَ. الثَّالِثَةُ: الْوِلَادَةُ: إذَا وَضَعَتْ الْعَمْيَاءُ يَدَهَا عَلَى قُبُلِ الْمَرْأَةِ وَخَرَجَ مِنْهَا الْوَلَدُ وَهِيَ وَاضِعَةٌ يَدَهَا عَلَى رَأْسِهِ إلَى تَكَامُلِ خُرُوجِهِ وَتَعَلَّقَتْ بِهِمَا حَتَّى شَهِدَتْ بِوِلَادَتِهَا مَعَ غَيْرِهَا قُبِلَتْ شَهَادَتُهَا.

(وَتُقْبَلُ) فِي الْفِعْلِ (مِنْ أَصَمَّ) لِإِبْصَارِهِ، وَيَجُوزُ تَعَمُّدُ النَّظَرِ لِفَرْجَيْ الزَّانِيَيْنِ لِتَحَمُّلِ الشَّهَادَةِ كَمَا مَرَّتْ الْإِشَارَةُ إلَيْهِ؛ لِأَنَّهُمَا هَتَكَا حُرْمَةَ أَنْفُسِهِمَا، وَسَكَتَ عَنْ الْأَخْرَسِ وَسَبَقَ حُكْمُ شَهَادَتِهِ عِنْدَ ذِكْرِ شُرُوطِ الشَّاهِدِ (وَالْأَقْوَالُ كَعَقْدٍ) وَفَسْخٍ وَطَلَاقٍ وَإِقْرَارٍ (يُشْتَرَطُ) فِي الشَّاهِدِ بِهَا (سَمْعُهَا) فَلَا تُقْبَلُ مِنْ أَصَمَّ بِهَا (وَإِبْصَارُ قَائِلِهَا) حَالَ تَلَفُّظِهِ بِهَا حَتَّى لَوْ نَطَقَ بِهَا مِنْ وَرَاءِ حِجَابٍ وَهُوَ يَتَحَقَّقُهُ لَمْ يَكْفِ، وَمَا حَكَاهُ الرُّويَانِيُّ عَنْ الْأَصْحَابِ مِنْ أَنَّهُ لَوْ جَلَسَ بِبَابِ بَيْتٍ فِيهِ اثْنَانِ فَقَطْ فَسَمِعَ تَعَاقُدَهُمَا بِالْبَيْعِ وَغَيْرِهِ كَفَى مِنْ غَيْرِ رُؤْيَةٍ، زَيَّفَهُ الْبَنْدَنِيجِيُّ بِأَنَّهُ لَا يَعْرِفُ الْمُوجِبَ مِنْ الْقَابِلِ. قَالَ الْأَذْرَعِيُّ: وَقَضِيَّةُ كَلَامِهِ أَنَّهُ لَوْ عَرَفَ هَذَا مِنْ هَذَا أَنَّهُ يَصِحُّ التَّحَمُّلُ، وَيُتَصَوَّرُ ذَلِكَ بِأَنْ يَعْرِفَ أَنَّ الْمَبِيعَ مِلْكُ أَحَدِهِمَا كَمَا لَوْ كَانَ الشَّاهِدُ يَسْكُنُ بَيْتًا وَنَحْوَهُ لِأَحَدِهِمَا أَوْ كَانَ جَارَهُ فَسَمِعَ أَحَدَهُمَا يَقُولُ: بِعْنِي بَيْتَك الَّذِي يَسْكُنُهُ فُلَانٌ الشَّاهِدُ أَوْ الَّذِي فِي جِوَارِهِ أَوْ عَلِمَ أَنَّ الْقَابِلَ فِي زَاوِيَةٍ وَالْمُوجِبَ فِي أُخْرَى أَوْ كَانَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا فِي بَيْتٍ بِمُفْرَدِهِ وَالشَّاهِدُ جَالِسٌ بَيْنَ الْبَيْتَيْنِ وَغَيْرَ ذَلِكَ.

قَالَ الْحُسْبَانِيُّ: وَلَوْ كَانَ أَحَدُهُمَا فِي الْبَيْتِ وَحْدَهُ وَالْآخَرُ مَعَهُ عَلَى بَابِهِ وَهُوَ عَالِمٌ أَنَّهُ لَيْسَ فِي الْبَيْتِ غَيْرُهُ جَازَ لَهُ الشَّهَادَةُ عَلَيْهِ بِمَا سَمِعَهُ مِنْ الْإِقْرَارِ وَإِنْ لَمْ يُشَاهِدْهُ حَالَةَ النُّطْقِ (وَلَا يُقْبَلُ) شَهَادَةُ (أَعْمَى) فِيمَا يَتَعَلَّقُ بِالْبَصَرِ لِجَوَازِ اشْتِبَاهِ الْأَصْوَاتِ، وَقَدْ يُحَاكِي الْإِنْسَانُ صَوْتَ غَيْرِهِ (إلَّا) صُورَةَ الضَّبْطِ، وَهِيَ (أَنْ يُقِرَّ) شَخْصٌ (فِي أُذُنِهِ) بِنَحْوِ طَلَاقٍ أَوْ عِتْقٍ أَوْ مَالٍ لِشَخْصٍ مَعْرُوفِ الِاسْمِ وَالنَّسَبِ (فَيَتَعَلَّقُ) الْأَعْمَى (بِهِ) وَيَضْبِطُهُ (حَتَّى يَشْهَدَ) عَلَيْهِ بِمَا سَمِعَهُ مِنْهُ (عِنْدَ قَاضٍ بِهِ) فَيُقْبَلُ (عَلَى الصَّحِيحِ) لِحُصُولِ الْعِلْمِ بِأَنَّهُ الْمَشْهُودُ عَلَيْهِ. وَالثَّانِي: الْمَنْعُ حَسْمًا لِلْبَابِ.

تَنْبِيهٌ: تَقَدَّمَ أَنَّهُ يَصِحُّ أَنْ يَكُونَ الْأَعْمَى مُتَرْجِمًا أَوْ مُسْمِعًا. وَسَيَأْتِي أَنَّهُ يَصِحُّ أَنْ يَشْهَدَ بِمَا ثَبَتَ بِالتَّسَامُعِ إنْ لَمْ يَحْتَجْ إلَى تَعْيِينٍ، وَإِشَارَةٍ بِأَنْ يَكُونَ الرَّجُلُ مَشْهُورًا بِاسْمِهِ وَصِفَتِهِ، وَلَهُ أَنْ يَطَأَ زَوْجَتَهُ اعْتِمَادًا عَلَى صَوْتِهَا لِلضَّرُورَةِ، وَلِأَنَّ الْوَطْءَ يَجُوزُ بِالظَّنِّ، وَلَا يَجُوزُ أَنْ يَشْهَدَ عَلَى زَوْجَتِهِ اعْتِمَادًا عَلَى صَوْتِهِمَا كَغَيْرِهَا خِلَافًا لِمَا بَحْثَهُ الْأَذْرَعِيُّ مِنْ قَبُولِ شَهَادَتِهِ عَلَيْهَا اعْتِمَادًا عَلَى ذَلِكَ (وَلَوْ حَمَلَهَا) أَيْ الشَّهَادَةَ فِي مُحْتَاجٍ لِلْبَصَرِ (بَصِيرٌ ثُمَّ عَمِيَ شَهِدَ إنْ كَانَ الْمَشْهُودُ لَهُ وَعَلَيْهِ مَعْرُوفَيْ الِاسْمِ وَالنَّسَبِ) لِإِمْكَانِ الشَّهَادَةِ عَلَيْهِمَا؛ فَيَقُولُ: أَشْهَدُ أَنَّ فُلَانَ بْنَ فُلَانٍ أَقَرَّ

<<  <  ج: ص:  >  >>