يَلَمْلَمُ، وَمِنْ نَجْدِ الْيَمَنِ وَنَجْدِ الْحِجَازِ قَرْنٌ، وَمِنْ الْمَشْرِقِ ذَاتُ عِرْقٍ.
وَالْأَفْضَلُ أَنْ يُحْرِمَ مِنْ أَوَّلِ الْمِيقَاتِ
ــ
[مغني المحتاج]
(يَلَمْلَمُ) وَيُقَالُ لَهُ أَلَمْلَمُ وَهُوَ أَصْلُهُ قُلِبَتْ الْهَمْزَةُ يَاءً، وَيَرَمْرَمُ بِرَاءَيْنِ وَهُوَ مَوْضِعٌ عَلَى مَرْحَلَتَيْنِ مِنْ مَكَّةَ (وَمِنْ نَجْدِ الْيَمَنِ وَنَجْدِ الْحِجَازِ قَرْنٌ) بِسُكُونِ الرَّاءِ، وَيُقَالُ لَهُ قَرْنُ الْمَنَازِلِ وَقَرْنُ الثَّعَالِبِ، وَهُوَ جَبَلٌ عَلَى مَرْحَلَتَيْنِ مِنْ مَكَّةَ، وَوَهِمَ الْجَوْهَرِيُّ فِي تَحْرِيكِ الرَّاءِ وَفِي قَوْلِهِ: أُوَيْسًا الْقَرَنِيَّ مَنْسُوبٌ إلَيْهِ وَإِنَّمَا هُوَ مَنْسُوبٌ إلَى قَرْنٍ قَبِيلَةٍ مِنْ مُرَادٍ كَمَا ثَبَتَ فِي مُسْلِمٍ، وَنَجْدٌ فِي الْأَصْلِ الْمَكَانُ الْمُرْتَفِعُ وَيُسَمَّى الْمُنْخَفِضُ غَوْرًا، وَإِذَا أُطْلِقَ نَجْدٌ فَالْمُرَادُ نَجْدُ الْحِجَازِ (وَمِنْ الْمَشْرِقِ) الْعِرَاقُ وَغَيْرُهُ (ذَاتُ عِرْقٍ) وَهِيَ قَرْيَةٌ عَلَى مَرْحَلَتَيْنِ مِنْ مَكَّةَ وَقَدْ خَرِبَتْ وَالْعَقِيقُ، وَهُوَ وَادٍ فَوْقَ ذَاتِ عِرْقٍ لِأَهْلِ الْعِرَاقِ، وَخُرَاسَانُ أَفْضَلُ مِنْ ذَاتِ عِرْقٍ لِأَنَّهُ أَحْوَطُ، وَلِمَا رَوَى ابْنُ عَبَّاسٍ «أَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَقَّتَ لِأَهْلِ الْمَشْرِقِ الْعَقِيقَ» رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ وَحَسَّنَهُ لَكِنْ رَدَّهُ فِي الْمَجْمُوعِ فَفِيهِ ضَعْفٌ، وَلِهَذَا لَمْ يَجِبْ الْعَمَلُ بِهِ، لَكِنْ يُسْتَحَبُّ لِاحْتِمَالِ صِحَّتِهِ.
وَالْأَصْلُ فِي الْمَوَاقِيتِ خَبَرُ الصَّحِيحَيْنِ أَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «وَقَّتَ لِأَهْلِ الْمَدِينَةِ ذَا الْحُلَيْفَةِ، وَلِأَهْلِ الشَّامِ الْجُحْفَةَ، وَلِأَهْلِ نَجْدٍ قَرْنَ الْمَنَازِلِ، وَلِأَهْلِ الْيَمَنِ يَلَمْلَمَ، وَقَالَ: هُنَّ لَهُنَّ وَلِمَنْ أَتَى عَلَيْهِنَّ مِنْ غَيْرِ أَهْلِهِنَّ مِمَّنْ أَرَادَ الْحَجَّ وَالْعُمْرَةَ وَمَنْ كَانَ دُونَ ذَلِكَ فَمِنْ حَيْثُ أَنْشَأَ حَتَّى أَهْلُ مَكَّةَ مِنْ مَكَّةَ» وَخَبَرُ الشَّافِعِيِّ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - أَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «وَقَّتَ لِأَهْلِ الْمَدِينَةِ وَلِأَهْلِ الشَّامِ وَمِصْرَ وَالْمَغْرِبِ الْجُحْفَةَ» .
وَخَبَرُ النَّسَائِيّ وَغَيْرِهِ بِإِسْنَادٍ صَحِيحٍ كَمَا فِي الْمَجْمُوعِ «أَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَقَّتَ لِأَهْلِ الشَّامِ وَمِصْرَ الْجُحْفَةَ، وَلِأَهْلِ الْعِرَاقِ ذَاتَ عِرْقٍ» .
وَقِيلَ: إنَّ ذَاتَ عِرْقٍ إنَّمَا كَانَ بِاجْتِهَادِ عُمَرَ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ -، وَاَلَّذِي فِي الشَّرْحِ وَالرَّوْضَةِ عَنْ مَيْلِ الْأَكْثَرِينَ أَنَّهُ بِالنَّصِّ. وَقَالَ فِي الْمَجْمُوعِ: إنَّهُ الصَّحِيحُ عِنْدَ جُمْهُورِ الْأَصْحَابِ، وَاَلَّذِي فِي شَرْحِ الْمُسْنَدِ لِلرَّافِعِيِّ مَذْهَبُ الشَّافِعِيِّ أَنَّهُ بِاجْتِهَادِ عُمَرَ وَلَمْ يَذْكُرْ غَيْرَهُ. وَقَالَ الْمُصَنِّفُ فِي شَرْحِ مُسْلِمٍ: إنَّهُ الصَّحِيحُ، وَهُوَ مَا نَصَّ عَلَيْهِ فِي الْأُمِّ، وَالرَّاجِحُ الْأَوَّلُ لِصِحَّةِ الْحَدِيثِ الْمُتَقَدِّمِ. وَيُسْتَثْنَى مِنْ إطْلَاقِ الْمُصَنِّفِ الْأَجِيرُ فَإِنَّ عَلَيْهِ أَنْ يُحْرِمَ مِنْ مِيقَاتِ الْمَيِّتِ أَوْ الْمُسْتَأْجِرِ الَّذِي يَحُجُّ عَنْهُ، فَإِنْ مَرَّ بِغَيْرِ ذَلِكَ الْمِيقَاتِ أَحْرَمَ مِنْ مَوْضِعٍ بِإِزَائِهِ إذَا كَانَ أَبْعَدَ مِنْ <m s =١> ذَلِكَ الْمِيقَاتِ مِنْ مَكَّةَ. حَكَاهُ فِي الْكِفَايَةِ عَنْ الْفُورَانِيِّ وَأَقَرَّهُ.
فَائِدَةٌ: قَالَ بَعْضُهُمْ: سَأَلْت أَحْمَدَ بْنَ حَنْبَلٍ: فِي أَيْ سَنَةٍ أَقَّتَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مَوَاقِيتَ الْإِحْرَامِ قَالَ: عَامَ حَجَّ.
(وَالْأَفْضَلُ أَنْ يُحْرِمَ مِنْ أَوَّلِ الْمِيقَاتِ) وَهُوَ الطَّرَفُ الْأَبْعَدُ مِنْ مَكَّةَ فَهُوَ أَفْضَلُ مِنْ الْإِحْرَامِ مِنْ وَسَطِهِ وَمِنْ آخِرِهِ لِيَقْطَعَ الْبَاقِيَ مُحْرِمًا، نَعَمْ يُسْتَثْنَى ذُو الْحُلَيْفَةِ كَمَا مَرَّ. قَالَ الْأَذْرَعِيُّ: وَهَذَا حَقٌّ إنْ عَلِمَ أَنَّ ذَلِكَ الْمَسْجِدَ هُوَ الْمَسْجِدُ الْمَوْجُودُ آثَارُهُ، وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute