للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَيَجُوزُ مِنْ آخِرِهِ، وَمَنْ سَلَكَ طَرِيقًا لَا يَنْتَهِي إلَى مِيقَاتٍ فَإِنْ حَاذَى مِيقَاتًا أَحْرَمَ مِنْ مُحَاذَاتِهِ أَوْ مِيقَاتَيْنِ فَالْأَصَحُّ أَنَّهُ يُحْرِمُ مِنْ مُحَاذَاةِ أَبْعَدِهِمَا، وَإِنْ لَمْ يُحَاذِ أَحْرَمَ عَلَى مَرْحَلَتَيْنِ مِنْ مَكَّةَ، وَمِنْ مَسْكَنِهِ، بَيْنَ مَكَّةَ وَالْمِيقَاتِ فَمِيقَاتُهُ مَسْكَنُهُ.

ــ

[مغني المحتاج]

هُوَ اهـ.

(وَيَجُوزُ مِنْ آخِرِهِ) لِوُقُوعِ الِاسْمِ عَلَيْهِ، وَالْعِبْرَةُ بِالْبُقْعَةِ لَا بِمَا بُنِيَ وَلَوْ قَرِيبًا مِنْهَا (وَمَنْ سَلَكَ طَرِيقًا) فِي بَرٍّ أَوْ بَحْرٍ (لَا يَنْتَهِي إلَى مِيقَاتٍ) مِمَّا ذُكِرَ (فَإِنْ حَاذَى) بِذَالٍ مُعْجَمَةٍ: أَيْ سَامَتْ (مِيقَاتًا) مِنْهَا بِمُفْرَدِهِ يَمْنَةً أَوْ يَسْرَةً لَا مِنْ ظَهْرِهِ أَوْ وَجْهِهِ؛ لِأَنَّ الْأَوَّلَ وَرَاءَهُ وَالثَّانِي أَمَامَهُ (أَحْرَمَ مِنْ مُحَاذَاتِهِ) لِخَبَرِ الْبُخَارِيِّ عَنْ ابْنِ عُمَرَ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُمَا - أَنَّ أَهْلَ الْعِرَاقِ أَتَوْا عُمَرَ فَقَالُوا: يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ إنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - حَدَّ لِأَهْلِ نَجْدٍ قَرْنًا وَهُوَ جَوْرٌ - أَيْ مَائِلٌ - عَنْ طَرِيقِنَا، وَإِنَّا إنْ أَرَدْنَا قَرْنًا شَقَّ عَلَيْنَا، قَالَ: فَانْظُرُوا حُذْوَهَا مِنْ طَرِيقِكُمْ فَحَدَّ لَهُمْ عُمَرُ ذَاتَ عِرْقٍ وَلَمْ يُنْكِرْ عَلَيْهِ أَحَدٌ فَإِنْ اشْتَبَهَ عَلَيْهِ مَوْضِعُ الْمُحَاذَاةِ اجْتَهَدَ، وَيُسَنُّ لَهُ أَنْ يَسْتَظْهِرَ خِلَافًا لِلْقَاضِي أَبِي الطَّيِّبِ حَيْثُ أَوْجَبَهُ (أَوْ) حَاذَى (مِيقَاتَيْنِ) طَرِيقُهُ بَيْنَهُمَا، أَوْ كَانَا مَعًا فِي جِهَةٍ وَاحِدَةٍ (فَالْأَصَحُّ أَنَّهُ يُحْرِمُ مِنْ مُحَاذَاةِ) أَقْرَبِهِمَا إلَيْهِ وَإِنْ كَانَ الْآخَرُ أَبْعَدَ إلَى مَكَّةَ، إذْ لَوْ كَانَ أَمَامَهُ مِيقَاتٌ فَإِنَّهُ مِيقَاتُهُ وَإِنْ حَاذَى مِيقَاتًا أَبْعَدَ فَكَذَا مَا هُوَ بِقُرْبِهِ، فَإِنْ اسْتَوَيَا فِي الْقُرْبِ إلَيْهِ أَحْرَمَ مِنْ مُحَاذَاةِ (أَبْعَدِهِمَا) مِنْ مَكَّةَ وَإِنْ حَاذَى الْأَقْرَبَ إلَيْهَا أَوَّلًا كَأَنْ كَانَ الْأَبْعَدُ مُنْحَرِفًا أَوْ وَعْرًا.

فَإِنْ قِيلَ: فَإِذَا اسْتَوَيَا فِي الْقُرْبِ إلَيْهِ فَكِلَاهُمَا مِيقَاتٌ.

أُجِيبَ بِأَنَّ مِيقَاتَهُ الْأَبْعَدُ إلَى مَكَّةَ وَتَظْهَرُ فَائِدَتُهُ فِيمَا لَوْ جَاوَزَهُمَا مُرِيدًا لِلنُّسُكِ وَلَمْ يَعْرِفْ مَوْضِعَ الْمُحَاذَاةِ ثُمَّ رَجَعَ إلَى الْأَبْعَدِ، أَوْ إلَى مِثْلِ مَسَافَتِهِ سَقَطَ عَنْهُ الدَّمُ لَا إنْ رَجَعَ إلَى الْآخَرِ، فَإِنْ اسْتَوَيَا فِي الْقُرْبِ إلَيْهَا وَإِلَيْهِ أَحْرَمَ مِنْ مُحَاذَاتِهِمَا إنْ لَمْ يُحَاذِ أَحَدُهُمَا قَبْلَ الْآخَرِ وَإِلَّا فَمِنْ مُحَاذَاةِ الْأَوَّلِ، وَلَا يَنْتَظِرُ مُحَاذَاةَ الْآخَرِ، كَمَا أَنَّهُ لَيْسَ لِلْمَارِّ عَلَى ذِي الْحُلَيْفَةِ أَنْ يُؤَخِّرَ إحْرَامَهُ إلَى الْجُحْفَةِ. قَالَ: وَمُقَابِلُ الْأَصَحِّ فِي كَلَامِ الْمُصَنِّفِ أَنَّهُ يُتَخَيَّرُ إنْ شَاءَ أَحْرَمَ مِنْ الْمَوْضِعِ الْمُحَاذِي لِأَبْعَدِهِمَا وَإِنْ شَاءَ لِأَقْرَبِهِمَا. قَالَ الْمَاوَرْدِيُّ: وَهُوَ الصَّحِيحُ وَقَوْلُ الْجُمْهُورِ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَمُرَّ عَلَى مِيقَاتٍ مَنْصُوصٍ عَلَيْهِ فَتَرَكَهُ وَقَدْ أَحْرَمَ مُحَاذِيًا الْمِيقَاتَ (وَإِنْ لَمْ يُحَاذِ) مِيقَاتًا مِمَّا سَبَقَ (أَحْرَمَ عَلَى مَرْحَلَتَيْنِ مِنْ مَكَّةَ) إذْ لَا مِيقَاتَ أَقَلُّ مَسَافَةً مِنْ هَذَا الْقَدْرِ، وَالْمُرَادُ تَقَدُّمُ الْمُحَاذَاةِ فِي عِلْمِهِ لَا فِي نَفْسِ الْأَمْرِ كَمَا قَالَهُ شَارِحُ التَّعْجِيزِ؛ لِأَنَّ الْمَوَاقِيتَ تَعُمُّ جِهَاتِ مَكَّةَ، فَلَا بُدَّ أَنْ يُحَاذِيَ أَحَدَهُمَا (وَمِنْ مَسْكَنِهِ بَيْنَ مَكَّةَ وَالْمِيقَاتِ فَمِيقَاتُهُ) لِلنُّسُكِ (مَسْكَنُهُ) قَرْيَةً كَانَتْ أَوْ حِلَّةً أَوْ مَنْزِلًا مُنْفَرِدًا فَلَا يُجَاوِزُهُ حَتَّى يُحْرِمَ، وَلَا يَلْزَمُهُ الرُّجُوعُ إلَى الْمِيقَاتِ لِقَوْلِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِي الْخَبَرِ السَّابِقِ: «فَمَنْ كَانَ دُونَ ذَلِكَ فَمِنْ حَيْثُ أَنْشَأَ» .

(وَمَنْ بَلَغَ) يَعْنِي جَاوَزَ (مِيقَاتًا) مِنْ الْمَوَاقِيتِ الْمَنْصُوصِ عَلَيْهَا أَوْ مَوْضِعًا جَعَلْنَاهُ مِيقَاتًا وَإِنْ

<<  <  ج: ص:  >  >>