للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

فلفت نظر الملك إلى نوع المسؤولية التي يستطيع تحملها على بينة وعن جدارة، حتى لا يكلفه الملك بمسؤولية أخرى يكون حظ نجاحه فيها أقل.

وقوله في هذا السياق {إِنِّي حَفِيظٌ عَلِيمٌ} تبرير منه لهذا الاختيار، فهو يعرف من نفسه أنه موصوف بالحفظ والصيانة، اللازمين لكل خزانة، وهو على خبرة بالعلم المناسب لهذا النوع من العمل، ولكل عمل علمه الخاص به. وقد اعتمد يوسف في مجال المسؤولية والخدمة العامة على ما أكرمه الله به من حفظ وعلم، وهما من الخصال المعنوية البحتة، ولم يعرج مطلقا على ما آتاه الله من حسن وحسب ونسب، إذ لا دخل لها في الموضوع.

وهذا المعنى الذي فسرنا به الآية لا يتعارض في شيء مع قوله صلى الله عليه وسلم لعبد الرحمان بن سمرة فيما رواه مسلم: (لا تسأل الإمارة، فإنك إن أعطيتها عن مسألة وكلت إليها، وإن أعطيتها عن غير مسألة أعنت عليها)، ولا مع قوله صلى الله عليه وسلم في حديث آخر رواه مسلم أيضا (إنا لا نستعمل على عملنا من أراده). إذ موضوع الحديثين هو التهالك على الولاية العامة وطلبها من أصلها، لا مجرد اختيار نوع العمل، بعد الاستدعاء لها والتكليف بها.

وتساءل البعض كيف استجاز يوسف عليه السلام لنفسه أن يَقبَل الولايةَ من كافر، وأجيب عنه بأنه يجوز للرجل الفاضل أن يعمل للرجل الفاجر، إذا علم أنه يُصلِح بعضَ الأحوال " نص على ذلك أبو القاسم ابن جُزّي في تفسيره ". كما أجيب عنه بأن

<<  <  ج: ص:  >  >>