الإقرار بالشهادتين، الذي هو شرط أساسي للدخول في الدين (أشهد أن لا إله إلا الله، وأشهد أن محمدا رسول الله) فإن الإقرار بهما يلزم عهودا، ويربط عقودا، وينشئ تكليفا بعدة أنواع من الالتزامات الشرعية، الأدبية والمادية، ومنها كما قال أبو بكر (ابن العربي): " الوفاء بالعرفان، والانكفاف عن العصيان، والقيام بحق الإحسان "(أن تعبد الله كأنك تراه، فإن لم تكن تراه فإنه يراك). وإلى صفة الوفاء هذه يشير قوله تعالى هنا:{الَّذِينَ يُوفُونَ بِعَهْدِ اللَّهِ وَلَا يَنْقُضُونَ الْمِيثَاقَ}.
وثاني صفة وصف الله بها من أراد أن يكون من أولي الألباب صفة الحنان والمروءة ورقة الشعور، التي تتجلى في سلوكهم العام، ولاسيما في صلة الأرحام، وبذل المعروف للفقراء والمحتاجين والعطف عليهم، مما يعين على إقامة مجتمع متحاب فاضل ومتكافل، وإلى هذه الصفة يشير قوله تعالى هنا {وَالَّذِينَ يَصِلُونَ مَا أَمَرَ اللَّهُ بِهِ أَنْ يُوصَلَ}.
وثالث صفة وصف الله بها أولي الألباب أن يكون لهم وجدان حي، قوي الحساسية، عميق الشعور، بحيث يراقبون الله في أعمالهم كل المراقبة، ويحرصون على الاستقامة في أحوالهم كل الحرص، سواء ما كان منها خصوصيا أو عموميا، وإلى هذه الصفة يشير قوله تعالى هنا:{وَيَخْشَوْنَ رَبَّهُمْ وَيَخَافُونَ سُوءَ الْحِسَابِ}.
ورابع صفة وصف الله بها أولي الألباب أن تكون لهم قدرة على ضبط النفس والصبر الجميل، فهم بالمرصاد دائما لأنفسهم