وشهواتهم، لا يطلقون لها العنان، ويلتزمون إزاءها حدود الاعتدال والمشروعية دون كبت ولا طغيان، وهم في حالة الرخاء صابرون، بحيث لا يطغون ولا يتعدون الحدود، وفي حالة الشدة صابرون، بحيث لا يسخطون على الموجود طمعا في المفقود. وإلى هذه الصفة يشير قوله تعالى هنا:{وَالَّذِينَ صَبَرُوا ابْتِغَاءَ وَجْهِ رَبِّهِمْ} فهم صابرون عن رضا لا عن سخط، وعن اختيار لا عن مجرد اضطرار، وهم قاصدون بصبرهم وجه الله ورضاه، أولا وأخيرا.
وخامس صفة وصف الله بها أولي الألباب أن يقيموا الصلاة، أي يقوموا بها على وجهها الكامل، بحيث لا يتركونها ولا يهملونها، ولا يقومون إليها كسالى، فهم على صلة بالله دون انقطاع، يناجونه ويشكرونه، ويؤدون حقه، ويطلبون عونه على الدوام والاستمرار، وإلى هذه الصفة يشير قوله تعالى هنا:{وَأَقَامُوا الصَّلَاةَ}.
وسادس صفة وصف الله بها أولي الألباب أن يحسنوا التصرف فيما آتاهم الله من رزق، وائتمنهم عليه من مال، بحيث يكونون أسخياء النفوس، ذوي فتوة وشهامة وكرم، يعتبرون المال وسيلة لا غاية، وغايته نفعهم ونفع الناس أجمعين، ولذلك فهم لا يبخلون بإنفاقه في وجوه الخير، وسبل النفع، وهم ينفقونه سرا كما ينفقونه علانية، حسب الظروف الطارئة والحاجات الملحة، والوضع الذي يكون فيه المنفق والمنفق عليه، لا يتقيدون بوجه دون وجه، ولا باب دون باب، فلأزواجهم وأولادهم وأقربائهم من أموالهم حظ معلوم، كما أن فيها حقا ثابتا للسائل والمحروم،