للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

وإلى هذه الصفة يشير قوله تعالى هنا: {وَأَنْفَقُوا مِمَّا رَزَقْنَاهُمْ سِرًّا وَعَلَانِيَةً}.

وسابع صفة وصف الله بها أولي الألباب، أن يكونوا على درجة كافية من الانتباه الشديد، والمحافظة على رصيدهم الخاص من الحسنات، حتى يظل رصيدا لا عجز فيه ولا تطغى عليه السيئات، بحيث يكونون ذوي وعي عميق وانتباه تام، وولوع بمحاسبة أنفسهم ونقدها الذاتي على الدوام، وهكذا كلما عملوا سوءا بجهالة أو تحت تأثير نزوة من النزوات، اهتموا بأن يعملوا في أعقابه مباشرة ما يمحو أثره، ويزيل مفعوله، من صالح الحسنات. وإذا أساء إليهم مسيء لم يقابلوا إساءته بالمثل، بل قابلوا إساءته بالإحسان، مساهمة منهم في وضع حد لروح الشر والعدوان، وإشاعة لروح التسامح والغفران، وإلى هذه الصفة يشير قوله تعالى هنا: {وَيَدْرَءُونَ بِالْحَسَنَةِ السَّيِّئَةَ} أي يدفعون السيئة بالحسنة، مصداقا لقوله تعالى في آية ثانية {إِنَّ الْحَسَنَاتِ يُذْهِبْنَ السَّيِّئَاتِ} [هود: ١١٤]، وقوله تعالى في آية ثالثة: {ادْفَعْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ فَإِذَا الَّذِي بَيْنَكَ وَبَيْنَهُ عَدَاوَةٌ كَأَنَّهُ وَلِيٌّ حَمِيمٌ} [فصلت: ٣٤]، وقوله تعالى في آية رابعة: {وَإِذَا خَاطَبَهُمُ الْجَاهِلُونَ قَالُوا سَلَامًا} [الفرقان: ٦٣].

فهذه هي الصفات الرئيسية التي يعتبر من اتصف بها في نظر الإسلام - طبقا لمعيار الذكر الحكيم - من " أولي الألباب " أي من أصحاب العقول الناضجة والأفكار السليمة، وبقدر ما ينقص منها عند الشخص يكون ناقص العقل، فاقد اللب، غير معدود

<<  <  ج: ص:  >  >>