في عداد العقلاء الراشدين، فمن أراد أن يعرف نفسه أهو في عداد العقلاء الراشدين، أم في عداد السفهاء والحمقى والمجانين، فليعيرها بمعيار القرآن، فإنه خير معيار يعير به النقصان والرجحان في ميزان الإيمان. قال القاضي عبد الجبار: " حكى بعض الأئمة أنه سئل عن وصف {المؤمن} فتلا هذه الآية {إِنَّمَا يَتَذَكَّرُ أُولُو الْأَلْبَابِ * الَّذِينَ يُوفُونَ بِعَهْدِ اللَّهِ} إلى آخرها.
وبعدما حلل كتاب الله الصفات المعتبرة في أولي الألباب من المؤمنين الصادقين عرج على وصف ما ينتظرهم وينتظر الصالحين من آبائهم وأزواجهم وذرياتهم من النعيم المقيم في دار السلام، فقال تعالى:{جَنَّاتُ عَدْنٍ يَدْخُلُونَهَا وَمَنْ صَلَحَ مِنْ آبَائِهِمْ وَأَزْوَاجِهِمْ وَذُرِّيَّاتِهِمْ وَالْمَلَائِكَةُ يَدْخُلُونَ عَلَيْهِمْ مِنْ كُلِّ بَابٍ * سَلَامٌ عَلَيْكُمْ بِمَا صَبَرْتُمْ فَنِعْمَ عُقْبَى الدَّارِ}.
وقوله تعالى في هذا السياق:{وَمَنْ صَلَحَ مِنْ آبَائِهِمْ وَأَزْوَاجِهِمْ وَذُرِّيَّاتِهِمْ} فيه إشارة واضحة إلى أن البيئة التي تشيع فيها مثل هذه الخصال ينتشر فيها الخير والبر، حتى يشمل جميع أعضائها وأفرادها، لأنهم يتنفسون في جو مفعم بالطهر والصلاح والقدوة الحسنة، فيرثون الصلاح خلفا عن سلف، وأبا عن جد.
وكما تحدث كتاب الله عن أولي الألباب وصفاتهم المثلى وما ادخر الله لهم من حسن العاقبة تعرض لمن هم على عكسهم عقيدة وعملا وسلوكا، فقال تعالى: {وَالَّذِينَ يَنْقُضُونَ عَهْدَ اللَّهِ مِنْ بَعْدِ مِيثَاقِهِ وَيَقْطَعُونَ مَا أَمَرَ اللَّهُ بِهِ أَنْ يُوصَلَ وَيُفْسِدُونَ فِي