للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

التفسير، كقوله تعالى هنا في سورة الحجر التي نحن بصدد تفسيرها {الر تِلْكَ آيَاتُ الْكِتَابِ وَقُرْآنٍ مُبِينٍ}.

وكأن إيراد الحروف الهجائية المقطعة في مطلع هذه السور إشارة إلى أن حكمة الله البالغة اقتضت أن تحول الحروف العادية الجارية على ألسنة الناس، والتي لا يصوغون منها أي كلام معجز للبشر، إلى مادة إعجاز إلهي يقف الجنس البشري كله أمامها مبهوتا ومبهورا، سواء من آمن منه أو من كفر، كما هو الأمر بالنسبة إلى مواد أخرى هي في متناول البشر جميعا، ولكنهم عاجزون عن أن يصنعوا منها أي شيء خارق للعادة، بينما القدرة الإلهية تصنع منها أعجب الأعاجيب، وفي طليعتها الإنسان المخلوق من طين، والطين في متناول كل الناس، ولكنهم عاجزون عن أن يصنعوا منه بأيديهم حتى أخس الحشرات، وأضعف الجراثيم، فضلا عما هو أعلى وأدق، {هَذَا خَلْقُ اللَّهِ فَأَرُونِي مَاذَا خَلَقَ الَّذِينَ مِنْ دُونِهِ} [لقمان: ١١].

وقوله تعالى هنا: {رُبَمَا يَوَدُّ الَّذِينَ كَفَرُوا لَوْ كَانُوا مُسْلِمِينَ} إخبار عن الكافرين بأنهم سيندمون على ما هم فيه، وسيتمنون عندما يعرفون حقيقة الإسلام أن لو كانوا مسلمين، ولاسيما عندما يكون أحدهم في حالة الاحتضار وتتجلى أمامه الحقائق الرهيبة، وهذا أمر واقع ما له من دافع، فكم من الكفار يقارنون معتقداتهم الباطلة بعقيدة التوحيد الحق، ويقارنون تشريعاتهم الإباحية بشريعة الإسلام الأخلاقية، ويتمنون لو أنهم كانوا على عقيدة الإسلام الصحيحة، وشريعته الفاضلة، ونفس

<<  <  ج: ص:  >  >>