كُنْتُمْ فَاعِلِينَ} المراد إرشادهم إلى وجوب الاقتصار على الزواج بالإناث من قومه، وتذكيرهم بأن الله تعالى إنما خلق الذكر والأنثى ليزاوج بينهما من أجل عمران العالم واستمرار النوع البشري عن طريق التناسل جيلا بعد جيل، في حدود الشريعة والفضيلة، وأنه لا يرضى عن الشذوذ الجنسي الذي هو أكبر رذيلة {فَأَخَذَتْهُمُ الصَّيْحَةُ مُشْرِقِينَ} أي عند شروق الشمس، والمراد " بالصيحة " العذاب الذي رافقه صوت مزعج كصوت الرعد القاصف {فَجَعَلْنَا عَالِيَهَا سَافِلَهَا} أي قلبنا مدينتهم رأسا على عقب قلبا ماديا ومعنويا، {وَأَمْطَرْنَا عَلَيْهِمْ حِجَارَةً مِنْ سِجِّيلٍ}.
ثم عقب كتاب الله على قصتهم بقوله {إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ لِلْمُتَوَسِّمِينَ} أي أن في عذاب قوم لوط وانتقام الله منهم آيات قاطعة، وبراهين ساطعة، يعتبر بها كل من عنده فراسة وبصيرة من المؤمنين، حتى لا يقع فيما وقعوا فيه {وَإِنَّهَا لَبِسَبِيلٍ مُقِيمٍ} أي أن مدينة قوم لوط التي قلبها الله عليهم انتقاما منهم واقعة على طريق مطروق يمر به الناس حتى اليوم، ليعتبروا ويتذكروا {وَإِنَّكُمْ لَتَمُرُّونَ عَلَيْهِمْ مُصْبِحِينَ * وَبِاللَّيْلِ}[الصافات: ١٣٧، ١٣٨]. وتأكيدا لنفس العبرة المقصودة من قصتهم قال تعالى:{إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَةً لِلْمُؤْمِنِينَ} أي إن في ذلك لعبرة لمن آمن بالله وقدرته، حتى لا يعمل عمل قوم لوط المستهجن، ولا يسلك مسلكهم المرذول، وحتى لا يتعرض في ذاته لنوع من المسخ والقلب، إن لم يكن مسخا وقلبا ماديا كان على الأقل قلبا ومسخا معنويا.