ثم وجه كتاب الله الخطاب إلى الرسول الأعظم مواسيا إياه، فقد كان صلى الله عليه وسلم شديد الاهتمام بهداية الناس إلى الحق، قوي الحرص على نجاتهم، عميق الحزن كثير الأسى على انحرافهم، وإلى هذا المعنى يلمح قوله تعالى هنا:{إِنْ تَحْرِصْ عَلَى هُدَاهُمْ فَإِنَّ اللَّهَ لَا يَهْدِي مَنْ يُضِلُّ وَمَا لَهُمْ مِنْ نَاصِرِينَ}، على غرار قوله تعالى في آية ثانية:{لَعَلَّكَ بَاخِعٌ نَفْسَكَ أَلَّا يَكُونُوا مُؤْمِنِينَ}[الشعراء: ٣]، وقوله تعالى في آية ثالثة:{وَمَنْ يُرِدِ اللَّهُ فِتْنَتَهُ فَلَنْ تَمْلِكَ لَهُ مِنَ اللَّهِ شَيْئًا}[المائدة: ٤١]، وقوله تعالى في آية رابعة:{فَإِنَّمَا عَلَيْكَ الْبَلَاغُ وَعَلَيْنَا الْحِسَابُ}[الرعد: ٤٠].
ومعنى قوله تعالى هنا:{فَإِنَّ اللَّهَ لَا يَهْدِي مَنْ يُضِلُّ} بضم الياء وفتح الدال على البناء للمفعول، طبقا لقراءة ورش عن نافع:" لا يهدي غير الله من يضله الله " والضمير في قوله: {وَمَا لَهُمْ مِنْ نَاصِرِينَ} يعود على الضالين، فقد حكم الله عليهم بالخذلان دنيا وأخرى، جزاء وفاقا.
ثم حكى كتاب الله قول منكري البعث، وزيف قولهم، وأكد أن البعث وعد حق وصدق من الله عز وجل، ولن يخلف الله