وعده، فقال تعالى:{وَأَقْسَمُوا بِاللَّهِ جَهْدَ أَيْمَانِهِمْ} أي أقسموا بأغلظ الأيمان {لَا يَبْعَثُ اللَّهُ مَنْ يَمُوتُ} كأن الله الذي أنشأ النشأة الأولى لا يقدر أن ينشئ النشأة الثانية، وهذا الفهم العاطل والوهم الباطل مناقض للمنطق السليم، مخالف للقياس الصحيح، فمن أنشأ النشأة الأولى يكون في منطق العقل البشري قادرا على النشأة الثانية من باب أولى وأحرى، ولذلك رد كتاب الله على منكري البعث قائلا:{بَلَى} أي بل سيكون البعث لا محالة {وَعْدًا عَلَيْهِ حَقًّا وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَعْلَمُونَ}.
وقوله تعالى:{لِيُبَيِّنَ لَهُمُ الَّذِي يَخْتَلِفُونَ فِيهِ وَلِيَعْلَمَ الَّذِينَ كَفَرُوا أَنَّهُمْ كَانُوا كَاذِبِينَ} إشارة إلى إحدى الحكم الإلهية التي تتحقق عن طريق البعث والنشور، ألا وهي تحقيق العدل الكامل بين الناس في دار الجزاء، والفصل بين المختلفين في حقوق الدنيا وحقائق الدين، وتمييز المحقين من المبطلين، والناجين من الهالكين، وتعريف المكذبين بكذبهم والضالين بضلالهم، وتبعا لذلك يجازى كل فريق على عمله بمقتضى العدل المطلق، إن خيرا فخير، وإن شرا فشر.
ثم عقب كتاب الله على شك منكري البعث في البعث، مذكرا عباده بأن قدرة الله مطلقة حرة لا يحدها أي قيد من القيود، ولا يعجزها أي شيء كبر شأنه أو صغر في الوجود، وأن مشيئة الله متى تعلقت بأمر من الأمور، برز ذلك الأمر في الحين إلى عالم الظهور، فقال تعالى:{إِنَّمَا قَوْلُنَا لِشَيْءٍ إِذَا أَرَدْنَاهُ أَنْ نَقُولَ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ}، كما قال تعالى في آية أخرى: {مَا خَلْقُكُمْ وَلَا