للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

مسعود رضي الله عنه: " هذه أجمع آية في القرآن لخير يمتثل، وشر يجتنب ".

ثم قال تعالى: {وَأَوْفُوا بِعَهْدِ اللَّهِ إِذَا عَاهَدْتُمْ وَلَا تَنْقُضُوا الْأَيْمَانَ بَعْدَ تَوْكِيدِهَا وَقَدْ جَعَلْتُمُ اللَّهَ عَلَيْكُمْ كَفِيلًا إِنَّ اللَّهَ يَعْلَمُ مَا تَفْعَلُونَ}. و " العهد " يطلق في كتاب الله إطلاقات متنوعة، والمراد بعهد الله هنا: ما يعطيه المؤمنون من العهود والمواثيق لبعضهم أو لغيرهم، وما يصحب عهودهم من الأيمان المؤكدة لها، الضامنة لاتزامها ونفاذها، و " توكيد " الأيمان: هو حلف الإنسان في الشيء الواحد يمينا بعد يمين.

ونهى كتاب الله أن يسلك المؤمنون في عهودهم المؤكدة بالأيمان مسلك الخداع والتغرير، ضاربا لهم المثل بالمرأة التي تعبت وقضت وقتا طويلا وهي منهمكة في الغزل، ثم نقضت غزلها بعد أن أبرمته وفتلته فتلا شديدا، فضاع مجهودها سدى، محذرا إياهم من اتخاذ هذا المثل أسوة لهم فيما يعقدونه من المواثيق، إذا نقضوها بعدما أبرموها، فقال تعالى: {وَلَا تَكُونُوا كَالَّتِي نَقَضَتْ غَزْلَهَا مِنْ بَعْدِ قُوَّةٍ}.

وقوله تعالى: {أَنْكَاثًا تَتَّخِذُونَ أَيْمَانَكُمْ دَخَلًا بَيْنَكُمْ}، معناه: لا تكونوا ناكثين للعهود ناقضين لها، متخذين من عهودكم المؤكدة بالأيمان مجرد ستار للخداع والغدر، بحيث تعقدونها وأنتم مبيتون النية مصممون على نقضها وفسخها، لأول ما يرجح ميزان القوة عندكم على غيركم، وهذا معنى قوله تعالى في نهاية هذه الآية: {أَنْ تَكُونَ أُمَّةٌ هِيَ أَرْبَى مِنْ أُمَّةٍ}.

<<  <  ج: ص:  >  >>