والوثنية، وشرحت صدر كثير منهم للإيمان بالرسالة الإلهية.
ثم وجه كتاب الله دعوة كريمة إلى الناس كافة -ولا سيما المؤمنين- فقد دعاهم جميعا إلى الإقبال على مائدة الله التي أنزلها لهم للتمتع بها، والتناول منها، كما دعاهم إلى الاستزادة من خيراتها بالشكر عليها، وذلك رحمة بهم، لإقامة أودهم، واستمرار النوع الإنساني المستخلف في الأرض، وحفظه من الهلاك والبوار، وهذه المائدة الإلهية التي دعاهم إليها كتاب الله تنحصر أنواعها في (الحلال الطيب)، ففي أنواع الحلال ما يكفيهم عن كل حرام، وفي أنواع الطيبات ما يغنيهم عن كل خبيث، وذلك قوله تعالى:{فَكُلُوا مِمَّا رَزَقَكُمُ اللَّهُ حَلَالًا طَيِّبًا وَاشْكُرُوا نِعْمَتَ اللَّهِ إِنْ كُنْتُمْ إِيَّاهُ تَعْبُدُونَ}.
وبمناسبة هذه الدعوة الكريمة نبه كتاب الله إلى جملة من المحرمات والخبائث التي لا يسوغ للإنسان تناولها، لما فيها من ضرر محقق، وأذى بالغ، فقال تعالى:{إِنَّمَا حَرَّمَ عَلَيْكُمُ الْمَيْتَةَ وَالدَّمَ وَلَحْمَ الْخِنْزِيرِ وَمَا أُهِلَّ لِغَيْرِ اللَّهِ بِهِ فَمَنِ اضْطُرَّ غَيْرَ بَاغٍ وَلَا عَادٍ فَإِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ}. وقد سبق نفس هذا الموضوع مفسرا في مثل هذه الآية من سورة البقرة.
وما دام الحديث جاريا عن الحلال والحرام، والطيب والخبيث، فقد بين كتاب الله أن السلطة الإلهية العليا هي وحدها التي لها صلاحية الحكم بتحليل ما هو حلال وتحريم ما هو حرام، وأن القول الأول والأخير في هذا الشأن، مرجعه إلى الله