من السوء، وتنزيه مقامه عنه. قال ابن كثير:" والتسبيح إنما يكون عند الأمور العظام، فلو كان الإسراء مناما -لا يقظة- لم يكن فيه كبير شيء، ولم يكن مستعظما "، إذ " لا فضيلة للحالم، ولا مزية للنائم "، كما قال النسفي، ولما بادر كفار قريش إلى تكذيبه، ولما ارتدت جماعة ممن كان قد أسلم، مما يشير إليه قوله تعالى في مكان آخر من هذه السورة:{وَمَا جَعَلْنَا الرُّؤْيَا الَّتِي أَرَيْنَاكَ} أي رؤيا عين كما قال ابن عباس {إِلَّا فِتْنَةً لِلنَّاسِ}[الآية: ٦٠].
ومما يستلفت النظر أن هذا التسبيح الوارد في مطلع السورة يتكرر أثناءها عدة مرات، فمرة يأتي تعقيبا على ما قال به المشركون في حق الله جل وعلا، وذلك قوله تعالى:{سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى عَمَّا يَقُولُونَ عُلُوًّا كَبِيرًا * تُسَبِّحُ لَهُ السَّمَاوَاتُ السَّبْعُ وَالْأَرْضُ وَمَنْ فِيهِنَّ وَإِنْ مِنْ شَيْءٍ إِلَّا يُسَبِّحُ بِحَمْدِهِ وَلَكِنْ لَا تَفْقَهُونَ تَسْبِيحَهُمْ}، ومرة أخرى يأتي التسبيح تعقيبا على التحديات التي وجهها المشركون إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، وذلك في قوله تعالى:{قُلْ سُبْحَانَ رَبِّي هَلْ كُنْتُ إِلَّا بَشَرًا رَسُولًا}، ومرة ثالثة يأتي التسبيح في سياق الحديث عن الذين آمنوا بالله ورسوله ودخلوا في الإسلام من أهل الكتاب، وذلك قوله تعالى:{إِنَّ الَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ مِنْ قَبْلِهِ إِذَا يُتْلَى عَلَيْهِمْ يَخِرُّونَ لِلْأَذْقَانِ سُجَّدًا * وَيَقُولُونَ سُبْحَانَ رَبِّنَا إِنْ كَانَ وَعْدُ رَبِّنَا لَمَفْعُولًا}.
ومن لطائف التفسير التي يحسن نقلها في هذا المقام ما ذكره جمال الإسلام أبو القاسم عبد الكريم بن هوازن القشيري