ذلك في الآخرة أولى، وليس المراد إثبات " العمى " في الحقيقة، بل هو ترغيب في التمسك بالطاعة ".
والمراد " بالإمام " هنا في قوله تعالى: {يَوْمَ نَدْعُو كُلَّ أُنَاسٍ بِإِمَامِهِمْ} إما كتاب أعمالهم، بدليل قوله تعالى في آية أخرى:{وَكُلَّ شَيْءٍ أَحْصَيْنَاهُ فِي إِمَامٍ مُبِينٍ}[يس: ١٢] وبه قال ابن عباس ورجحه ابن كثير، وإما كتابهم الذي أنزل على نبيهم، وبه قال ابن زيد واختاره ابن جرير، ويشهد لهذا التفسير قوله تعالى:{وَتَرَى كُلَّ أُمَّةٍ جَاثِيَةً كُلُّ أُمَّةٍ تُدْعَى إِلَى كِتَابِهَا}[الجاثية: ٢٨]، وقوله تعالى:{وَقَالَ الرَّسُولُ يَا رَبِّ إِنَّ قَوْمِي اتَّخَذُوا هَذَا الْقُرْآنَ مَهْجُورًا}[الفرقان: ٣٠]. والمراد (بالفتيل) هنا في قوله تعالى: {وَلَا يُظْلَمُونَ فَتِيلًا} الخيط المستطيل في شق النواة من التمر، مبالغة في معاملتهم بالعدل إلى أقصى الحدود، بحيث لا ينقص من ثوابهم ولو أقل القليل.
وانتقل كتاب الله إلى الحديث عن عصمة الله لرسوله، والألطاف التي حفه بها رغما عن مساومات المشركين، وتثبيته له على الوقوف في وجه كل المحاولات التي حاولوها لتثبيطه عن النهوض بالدعوة وتبليغ الرسالة، وفي هذا السياق نفسه أشار كتاب الله إلى العقاب الإلهي الصارم الذي يعاقب به كل من تخلى عن الله، وركن إلى أعداء الله، تحذيرا للدعاة إلى الله في هذه الأمة المحمدية من التنازل عن دعوتهم والتفريط فيها، عملا بآراء فائلة، أو مقابل مصالح زائلة، فقال تعالى مخاطبا لنبيه: وعن طريقه خاطب كل وارث من ورثته من بعده: {وَإِنْ كَادُوا