محمودا تحمدك فيه الخلائق، " فعسى " في هذا السياق تستوجب وقوع ما بعدها، ولا تحتمل الشك مطلقا.
وانتقل كتاب الله إلى الحديث عن الذكر الحكيم، فبين أنه هو محور الرسالة وعليه المدار، وتحدى بمعجزته الخالدة جميع المتشككين من ملاحدة ومشركين وكفار:
ووضح أولا أن القرآن الكريم " شفاء " لمن استشفى به من الشاكين، والقلقين المحتارين، و " رحمة " لمن احتمى بحماه من المظلومين، والبؤساء المحرومين، وأنه يحد من طغيان الظالمين، ويعرضهم في الدنيا قبل الآخرة للخسران المبين، إذ قال تعالى:{وَنُنَزِّلُ مِنَ الْقُرْآنِ مَا هُوَ شِفَاءٌ وَرَحْمَةٌ لِلْمُؤْمِنِينَ وَلَا يَزِيدُ الظَّالِمِينَ إِلَّا خَسَارًا}.
وأكد ثانيا أن الإنسان إذا لم تخالط قلبه بشاشة الإيمان، ولم يشف نفسه دواء القرآن، فإن مقاييسه تكون معتلة، وموازينه مختلة، بحيث إذا مسه الخير أصابه الكبر والطغيان، وإذا مسه الشر أصابه اليأس والهوان، إذ قال تعالى في نفس السياق:{وَإِذَا أَنْعَمْنَا عَلَى الْإِنْسَانِ أَعْرَضَ وَنَأَى بِجَانِبِهِ وَإِذَا مَسَّهُ الشَّرُّ كَانَ يَئُوسًا}.ثم عقب على الحالتين الناشئتين عن سلوك هاتين الطريقتين المختلفتين، فقال تعالى:{قُلْ كُلٌّ يَعْمَلُ عَلَى شَاكِلَتِهِ} أي كل واحد يعمل حسب الطريقة التي تشاكل عقيدته، وتلائم نفسيته، {فَرَبُّكُمْ أَعْلَمُ بِمَنْ هُوَ أَهْدَى سَبِيلًا}.
وكشف كتاب الله الستار -ثالثا- عن طبيعة القرآن، المميزة له عن كل كلام سواه، وأنه روح من أمر الله، أوحاه إلى رسوله