للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

المعنى هو الذي يتضمنه قوله تعالى هنا: {وَاضْرِبْ لَهُمْ مَثَلَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا كَمَاءٍ أَنْزَلْنَاهُ مِنَ السَّمَاءِ فَاخْتَلَطَ بِهِ نَبَاتُ الْأَرْضِ فَأَصْبَحَ هَشِيمًا} أي يابسا {تَذْرُوهُ الرِّيَاحُ} أي تنسفه وتطرحه ذات اليمين وذات الشمال {وَكَانَ اللَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ مُقْتَدِرًا} أي مقتدرا على الخلق والإنشاء، كما هو مقتدر على الإبادة والإفناء، والقصد من ضرب هذا المثل هو الحض على العمل الصالح الذي ينفع في الدارين معا.

وإزالة لكل لبس فيما يخص موقف الإسلام من الاستمتاع بالطيبات، وتناول ما هو مشروع من الملذات، عقب كتاب الله على هذا المثل مباشرة، فقال تعالى: {الْمَالُ وَالْبَنُونَ زِينَةُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَالْبَاقِيَاتُ الصَّالِحَاتُ خَيْرٌ عِنْدَ رَبِّكَ ثَوَابًا وَخَيْرٌ أَمَلًا} على غرار قوله تعالى في سورة آل عمران: {زُيِّنَ لِلنَّاسِ حُبُّ الشَّهَوَاتِ مِنَ النِّسَاءِ وَالْبَنِينَ وَالْقَنَاطِيرِ الْمُقَنْطَرَةِ مِنَ الذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ وَالْخَيْلِ الْمُسَوَّمَةِ وَالْأَنْعَامِ وَالْحَرْثِ ذَلِكَ مَتَاعُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَاللَّهُ عِنْدَهُ حُسْنُ الْمَآبِ} [الآية: ١٤]. وبذلك أكد الإسلام قيمة المال والولد بالنسبة لحياة الأفراد، وما ينال حياتهم من كمال بوجودهما، ومن نقص بفقدهما، منبها في نفس الوقت إلى أن اهتمام الأفراد يجب أن يتجه إلى الجانب الأنفع والأدوم والأبقى من الاثنين، كإيقاف الصدقة الجارية التي لا ينقطع نفعها بعد الموت، وكتربية الولد الصالح الذي يواصل سيرة والده الصالحة، فيجلب له الدعاء والثناء، بحيث لا يقتصر من آتاه الله المال والولد على الانتفاع بهما انتفاعا أنانيا وشخصيا

<<  <  ج: ص:  >  >>