للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

الذكر الحكيم، شرع يقص على رسوله والمؤمنين قصة موسى مع فرعون وقومه، التي هي أكثر قصص الأنبياء والمرسلين ورودا في القرآن، وذلك ابتداء من قوله تعالى في هذا الربع: {وَهَلْ أَتَاكَ حَدِيثُ مُوسَى * إِذْ رَأَى نَارًا فَقَالَ لِأَهْلِهِ امْكُثُوا} إلى قوله تعالى في الربع الثالث من هذا الحزب: {إِنَّمَا إِلَهُكُمُ اللَّهُ الَّذِي لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ وَسِعَ كُلَّ شَيْءٍ عِلْمًا}. وهكذا استغرقت قصة موسى في " سورة طه " التي نحن بصدد تفسيرها حوالي ثلاثة أرباع الحزب، حيث عرضت عرضا واسعا مفصلا، علاوة على ما سبق من حلقات هذه القصة المثيرة في سورة البقرة، وسورة المائدة، وسورة الأعراف، وسورة يونس، وسورة الإسراء، وسورة الكهف، وبالإضافة إلى ما سيأتي من الإشارات إليها في السور القادمة، وعند الانتهاء من عرض هذه القصة عقب كتاب الله عليها في الربع الثالث من هذا الحزب، فقال تعالى: {كَذَلِكَ نَقُصُّ عَلَيْكَ مِنْ أَنْبَاءِ مَا قَدْ سَبَقَ وَقَدْ آتَيْنَاكَ مِنْ لَدُنَّا ذِكْرًا}، إشارة إلى أن الحكمة المتوخاة من إيراد قصة موسى وغيرها من قصص الأنبياء والمرسلين هي النظر فيها للتدبر والاعتبار، وتنوير البصائر والأبصار. وسيرا في هذا الاتجاه سنقف وقفة خاصة عند كل موطن من مواطن العبرة في هذه القصة:

فقوله تعالى: {يَا مُوسَى * إِنِّي أَنَا رَبُّكَ فَاخْلَعْ نَعْلَيْكَ إِنَّكَ بِالْوَادِ الْمُقَدَّسِ طُوًى} إشارة إلى أن خلع النعلين تصرف مناسب للخشوع والتواضع عند مناجاة الحق سبحانه وتعالى من جهة، ومظهر من مظاهر احترام الأماكن المقدسة وتعظيمها من جهة

<<  <  ج: ص:  >  >>