يَقُولُ أَمْثَلُهُمْ طَرِيقَةً إِنْ لَبِثْتُمْ إِلَّا يَوْمًا}، وبنفس هذا المعنى ورد قوله تعالى في آية ثانية:{قَالَ كَمْ لَبِثْتُمْ فِي الْأَرْضِ عَدَدَ سِنِينَ * قَالُوا لَبِثْنَا يَوْمًا أَوْ بَعْضَ يَوْمٍ فَاسْأَلِ الْعَادِّينَ}[المؤمنون: ١١٢ - ١١٣]. ويوجد من بينهم من يشعر بأن مدة حياته كلها كانت أقصر من ذلك، وأنها لم تزد عن ساعة واحدة، وتعبيرا عن شعور هذا الصنف من الخلق جاءت الآية الكريمة:{وَيَوْمَ تَقُومُ السَّاعَةُ يُقْسِمُ الْمُجْرِمُونَ مَا لَبِثُوا غَيْرَ سَاعَةٍ كَذَلِكَ كَانُوا يُؤْفَكُونَ}[الروم: ٥٥].
والغريب في الأمر أنه بمجرد ما يسيطر عليهم هذا الشعور يخيل إليهم أنهم قد وجدوا عذرا يعتذرون به أمام الله عن تقصيرهم واستهتارهم، ويخامرهم الأمل في الخلص من قبضة الله، والإفلات من الحساب والعقاب، بدعوى أن مدة حياتهم التي قضوها في الدار الفانية كانت مدة قصيرة لا تكفي للتذكر والاعتبار، ولا تساعد على الاستعداد للدار الباقية، ثم يصرخون في جهنم قائلين:{رَبَّنَا أَخْرِجْنَا نَعْمَلْ صَالِحًا غَيْرَ الَّذِي كُنَّا نَعْمَلُ} فيرد عليهم الحق سبحانه وتعالى بقوله: {أَوَلَمْ نُعَمِّرْكُمْ مَا يَتَذَكَّرُ فِيهِ مَنْ تَذَكَّرَ وَجَاءَكُمُ النَّذِيرُ فَذُوقُوا فَمَا لِلظَّالِمِينَ مِنْ نَصِيرٍ}[فاطر: ٣٧].
ويستفاد من هذا الوصف أيضا ما يتعرض له العالم عند قيام الساعة من ظواهر كونية تقلب الأرض عاليها سافلها، ومن تلك الظواهر نسف الجبال ودكها دكا، حتى لا يبقى منها عين ولا أثر {وَيَسْأَلُونَكَ عَنِ الْجِبَالِ فَقُلْ يَنْسِفُهَا رَبِّي نَسْفًا * فَيَذَرُهَا قَاعًا