- النوع الأول - أن جميع الموجودات موافقة لوجود الإنسان، ملائمة لحياته، وهذه الموافقة والملاءمة لا يمكن أن تكون بنت الصدفة ومجرد اتفاق محض، وإنما هي بالضرورة صادرة من قبل فاعل قاصد لذلك مريد له، وهو الله تعالى، ولنسم هذا النوع " دليل العناية ". فواجب على من أراد أن يعرف الله حق معرفته ويقدره حق قدره أن يفحص عن منافع الموجودات، ويتتبع الحكمة في كل موجود، ليعرف السبب الذي خلق من أجله، والغاية المقصودة به، وبذلك يكون وقوفه على دليل العناية أتم وأكمل. ومن أمثلة هذا النوع: موافقة المكان الذي يوجد فيه الإنسان وهو الأرض، وموافقة الليل والنهار والشمس والقمر، وموافقة الفصول الأربعة، وموافقة كثير من الحيوان والنبات والجماد، لقضاء ضروراته والحصول على حاجياته، وما يستفيده الإنسان وينتفع به من الأمطار والأنهار والبحار، إلى غير ذلك من الأشياء، من كل ما هو موافق لحياته، وملائم لوجوده.
- النوع الثاني - أن جميع الموجودات وجواهر الأشياء مخترعة مخلوقة، بما فيها النبات والحيوان والإنسان والجماد والأجرام، والأفلاك، وغيرها مما لا يعلمه إلا الله، وبديهي أن كل مخترع مخلوق إنما هو صادر من قبل فاعل مخترع خالق وهو الله تعالى، ولنسم هذا النوع " دليل الاختراع ". فواجب على من أراد أن يعرف الله حق معرفته، ويقدره حق قدره، أن يتعرف على جواهر الأشياء، ليقف على الاختراع الإلهي والحقيقي في جميع الموجودات، لأن من لم يعرف حقيقة الشيء لم يعرف حقيقة