{وَالْمُحْصَنَاتُ مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ مِنْ قَبْلِكُمْ إِذَا آتَيْتُمُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ مُحْصِنِينَ غَيْرَ مُسَافِحِينَ}. فيباح التزوج بها على هذا الرأي، باعتبار أن المسلم والكتابية قد يلتقيان في أصل الاعتقاد بالله، وإن كان التصور الإسلامي لعقيدة التوحيد لا يتفق بتاتا مع عقيدة التثليث، ولعل هذه الرخصة استقر العمل بها ودولة الإسلام في عنفوانها، ودعوة الإسلام تلتمس جميع الطرق لتسربها وانتشارها في العالم، فكانت حينئذ في صالح الإسلام لا في صالح غيره.
هذا وقد روى ابن جرير الطبري بسنده إلى عبد الله بن عباس أنه قال:" نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن أصناف النساء إلا ما كان من المؤمنات المهاجرات، وحرم كل ذات دين غير الإسلام " قال الله عز وجل {وَمَنْ يَكْفُرْ بِالْإِيمَانِ فَقَدْ حَبِطَ عَمَلُهُ}. وقد نكح طلحة ابن عبد الله يهودية، ونكح حذيفة بن اليمان نصرانية، فغضب عمر ابن الخطاب غضبا شديدا، حتى هم أن يسطو عليهما فقالا:" نحن نطلق يا أمير المؤمنين ولا تغضب " فقال: " لئن حل طلاقهن لقد حل نكاحهن، ولكنني أنتزعهن منكم صغرة قمأة: أي أذلاء صاغرين.
كما روى ابن جرير عن شقيق وهو ابن سلمة الأسدي أنه قال: " تزوج حذيفة يهودية فكتب إليه عمر: خل سبيلها، فكتب إليه: أتزعم أنها حرام فأخلي سبيلها؟ فقال: لا. لا أزعم أنها حرام، ولكني أخاف أن تعاطوا المومسات منهم "، أي تخوضوا في الزواج من الزانيات. ثم عقب ابن جرير على ذلك بقوله: " وإنما كره عمر ذلك لئلا يزهد الناس في المسلمات، أو لغير ذلك من المعاني ".