واليوم قد تبدلت أوضاع الحياة، وانتشر هذا النوع من الزواج المختلط انتشارا فاحشا، وبرزت آثاره الحتمية الفاسدة في تربية أبناء المسلمين وبناتهم في أحضان الأمهات غير المسلمات، اللاتي يسيطرن على الزوج وبيته سيطرة تامة تجعل الأسرة كلها منعزلة عن المجتمع الإسلامي كل الانعزال، ومرتبطة قبل كل شئ بالأخوال والأصهار والجدات من غير المسلمين كل الارتباط، تتجدد مخاوف علماء الإسلام في كل بلد، وتعود نظرية عمر بن الخطاب في كراهية هذا الزواج المختلط، والتنديد به إلى الظهور، ويبرز من جديد بعد نظر هذا الخليفة العبقري الذي كان مفخرة الخلفاء الراشدين، ويبدو للجميع أن موقفه بالنسبة للظروف الحاضرة أصبح أوفق وأنسب بمصالح المسلمين.
على أن مضار الزواج المختلط وعواقبه الوخيمة أصبحت مسلما بها من وجهة النظر القومية والسياسية البحتة عند كثير من الدول غير الإسلامية، إذ منعت هذه الدول من التوظف في مناصب الدول العليا العسكرية والدبلوماسية كل المواطنين المتزوجين بزوجات من غير جنسيتهم، حتى ولو كن على نفس ديانتهم، كل ذلك احتياطا على أسرار الدولة في الميدانين العسكري والدبلوماسي، تلك الأسرار التي لا شئ يضمن عدم تسربها إلى الأعداء في بيت مختلط الزوجية.
ومن لطائف التفسير المتعلقة بالآية التي هي موضوعنا ما ذكره القاضي أبو بكر (ابن العربي) المعافري في كتابه (أحكام القرآن) من أن كلمة (أمة) في قوله تعالى: {وَلَأَمَةٌ مُؤْمِنَةٌ خَيْرٌ مِنْ مُشْرِكَةٍ وَلَوْ