خلق الله للأرض أهلا فتق هذه بالمطر، وفتق هذه بالنبات " على حد قوله تعالى في آية أخرى:{وَالسَّمَاءِ ذَاتِ الرَّجْعِ * وَالْأَرْضِ ذَاتِ الصَّدْعِ}[الطارق: ١١، ١٢]. ونبه ابن عطية إلى المناسبة الموجودة بين قوله تعالى:{وَجَعَلْنَا مِنَ الْمَاءِ كُلَّ شَيْءٍ حَيٍّ} وقوله تعالى قبله: {كَانَتَا رَتْقًا فَفَتَقْنَاهُمَا} وهي أن الماء الذي هو أصل الأحياء، نتيجة من نتائج فتق السماء، ويتصل بمعنى هذه الآية قوله تعالى في سورة النور:{وَاللَّهُ خَلَقَ كُلَّ دَابَّةٍ مِنْ مَاءٍ}[الآية: ٤٥].
ويرى المؤمنون بكتاب الله من الباحثين المعاصرين في العلم الحديث، أن هذه الآية الكريمة هي إحدى الآيات البينات التي تثبت لكل منكر أن القرآن العظيم كتاب منزل من عند الله، وأنه لا مجال للشك في وجود الله، فقد سبقت هذه الآية بعدة قرون ما اهتدى إليه العم الحديث، من أن الأرض والشمس ومختلف الكواكب والأجرام إنما كانت سديما في الفضاء، وأن الأرض انفصلت عن هذا السديم عندما انقسم إلى عدة أجزاء، بدليل ما يوجد في باطن الأرض من حرارة شديدة، وما يقذف به جوف الأرض من براكين عديدة، وما يجري من المياه الساخنة في عدة عيون، مما لا يرقى إليه الشك ولا تختلط به الظنون، يضاف إلى ذلك أن تحليل طيف الشمس أدى إلى التأكد من أن هذه العناصر التي تتكون منها الشمس نفسها هي نفس العناصر التي تتكون منها الأرض، وهذه النظرية تعتبر عند القائلين بها رأيا مسلما لا يقبل الرفض، وهي على كل حال، وعلى وجه الإجمال، لا تعارض