الآية الكريمة التي سبقتها بأجيال. ووصف السماء بكونها سقفا محفوظا في قوله تعالى هنا:{وَجَعَلْنَا السَّمَاءَ سَقْفًا مَحْفُوظًا} يفسره قوله تعالى في سورة الرعد: {اللَّهُ الَّذِي رَفَعَ السَّمَاوَاتِ بِغَيْرِ عَمَدٍ تَرَوْنَهَا}[الآية: ٢] إذ إن السماء في تصور سكان الأرض هي منزلة سقف الأرض، لكنه سقف محفوظ من كل تصدع وخلل، إلى أن يحل الأجل.
وإمعانا في إقامة الحجة على الكافرين والمشركين، والمنكرين والشاكين، عرض كتاب الله جملة من مظاهر عنايته بالإنسان، ورعايته له في كل آن، فقال تعالى:{وَجَعَلْنَا فِي الْأَرْضِ رَوَاسِيَ أَنْ تَمِيدَ بِهِمْ وَجَعَلْنَا فِيهَا فِجَاجًا سُبُلًا لَعَلَّهُمْ يَهْتَدُونَ}، وقال تعالى:{وَهُوَ الَّذِي خَلَقَ اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ وَالشَّمْسَ وَالْقَمَرَ كُلٌّ فِي فَلَكٍ يَسْبَحُونَ} مشيرا بذلك إلى أنه قد سخر للإنسان كلا من المكان والزمان، فجعل طبيعتهما ملائمة لطبيعته، وجعل أحوالهما موافقة لمصلحته، فما بال الناس لا يزالون يشركون بالله ويكفرون، ويشكون في وجوده وينكرون؟ {قُلْ مَنْ يَكْلَؤُكُمْ بِاللَّيْلِ وَالنَّهَارِ مِنَ الرَّحْمَنِ بَلْ هُمْ عَنْ ذِكْرِ رَبِّهِمْ مُعْرِضُونَ}.
ويذكر كتاب الله الناسين والغافلين بأن الدنيا ليست دار إقامة وقرار، وإنما هي دار سباق بين الرفاق، وقنطرة عبور يمر بها الأبرار والفجار:{كُلُّ نَفْسٍ ذَائِقَةُ الْمَوْتِ وَنَبْلُوكُمْ بِالشَّرِّ وَالْخَيْرِ فِتْنَةً وَإِلَيْنَا تُرْجَعُونَ} فالعاقل كل العاقل من اغتنم شبابه قبل هرمه، وصحته قبل سقمه، وفراغه قبل شغله، وحياته قبل موته،