في آية أخرى مسؤولية هذا الصنف من أعداء الحق في تضليل الخلق، فقال:{وَقَالُوا رَبَّنَا إِنَّا أَطَعْنَا سَادَتَنَا وَكُبَرَاءَنَا فَأَضَلُّونَا السَّبِيلَا * رَبَّنَا آتِهِمْ ضِعْفَيْنِ مِنَ الْعَذَابِ وَالْعَنْهُمْ لَعْنًا كَبِيرًا}[الأحزاب: ٦٧، ٦٨]، ويلحق " بالترف الفكري " عند أولئك السوفسطائيين الحائرين المتشككين، الذين يتهبون من معرفة الحق والتزامه، ويتصدون لمحاربته والنيل من مقامه، ويلقون بكثير من ضحاياهم في المتاهات والمهامه.
وبعد أن تحدث كتاب الله عما يقوم به المترفون المتكبرون من عرقلة الدعوة إلى الله، والوقوف في وجهها بشتى وسائل التضليل والتدجيل، عقب على ذلك بما يثبت سوء تقديرهم، والخطأ البالغ في حسابهم، مبينا أن إمهالهم لا يعني إهمالهم، لكن أحكم الحاكمين لا يصدر آخر قرار، إلا بعد الإعذار والإنذار، وهذا ما يشير إليه قوله تعالى هنا:{فَذَرْهُمْ فِي غَمْرَتِهِمْ حَتَّى حِينٍ * أَيَحْسَبُونَ أَنَّمَا نُمِدُّهُمْ بِهِ مِنْ مَالٍ وَبَنِينَ * نُسَارِعُ لَهُمْ فِي الْخَيْرَاتِ بَلْ لَا يَشْعُرُونَ} على غرار قوله تعالى في سورة الأعراف [الآية: ١٨٣] وسورة القلم [الآية: ٤٥]: {وَأُمْلِي لَهُمْ إِنَّ كَيْدِي مَتِينٌ}، وقوله تعالى في سورة الحجر:{ذَرْهُمْ يَأْكُلُوا وَيَتَمَتَّعُوا وَيُلْهِهِمُ الْأَمَلُ فَسَوْفَ يَعْلَمُونَ}[الآية: ٣]. وصرح كتاب الله بما ينتظرهم من عذاب أليم في الدنيا والآخرة، فقال تعالى:{حَتَّى إِذَا أَخَذْنَا مُتْرَفِيهِمْ بِالْعَذَابِ إِذَا هُمْ يَجْأَرُونَ * لَا تَجْأَرُوا الْيَوْمَ إِنَّكُمْ مِنَّا لَا تُنْصَرُونَ}. ويؤكد هذا