للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

المعنى في صيغة كلها إنذار وتهديد قوله تعالى في سورة الإسراء: {وَإِذَا أَرَدْنَا أَنْ نُهْلِكَ قَرْيَةً أَمَرْنَا مُتْرَفِيهَا فَفَسَقُوا فِيهَا فَحَقَّ عَلَيْهَا الْقَوْلُ فَدَمَّرْنَاهَا تَدْمِيرًا} [الآية: ١٦] أي أمرناهم بالتقوى والصلاح، فضلوا وأضلوا، وكانوا سببا لا في هلاك أنفسهم خاصة، بل في هلاكهم وهلاك قومهم عامة.

ثم أنحى كتاب الله باللائمة على أعداء الرسل وخصوم الرسالات الإلهية، مشيرا إلى أن دين الحق الذي دعا إليه كافة الرسل يلتقي مع الفطرة االسليمة في كل شيء، وأنه لا كلفة في فهمه واستيعابه والاقتناع به، بل هو في غاية السهولة واليسر نظريا وعمليا، وأن كتاب الله الذي هو أساس هذا الدين لا ينطق إلا بالحق والصدق {وَمَنْ أَصْدَقُ مِنَ اللَّهِ قِيلًا} [النساء: ١٢٢]. ولن يكون الجزاء الذي يترتب على الإيمان به أو الكفر إلا جزاء عادلا، ولو تدبروا كتاب الله وتأملوا معانيه حق التأمل لتنازلوا عن الكفر والكبر والعناد، ولسخروا طاقاتهم للصلاح بدلا من الفساد، وإلى هذا المعنى يشير قول الله تعالى هنا: {وَلَا نُكَلِّفُ نَفْسًا إِلَّا وُسْعَهَا وَلَدَيْنَا كِتَابٌ يَنْطِقُ بِالْحَقِّ وَهُمْ لَا يُظْلَمُونَ}، ثم قوله تعالى في نفس السياق {أَفَلَمْ يَدَّبَّرُوا الْقَوْلَ أَمْ جَاءَهُمْ مَا لَمْ يَأْتِ آبَاءَهُمُ الْأَوَّلِينَ}، وقوله تعالى أيضا: {بَلْ جَاءَهُمْ بِالْحَقِّ وَأَكْثَرُهُمْ لِلْحَقِّ كَارِهُونَ * وَلَوِ اتَّبَعَ الْحَقُّ أَهْوَاءَهُمْ لَفَسَدَتِ السَّمَاوَاتُ وَالْأَرْضُ وَمَنْ فِيهِنَّ بَلْ أَتَيْنَاهُمْ بِذِكْرِهِمْ فَهُمْ عَنْ ذِكْرِهِمْ مُعْرِضُونَ}.

وكما كشف الله الستار عن الصفات المستهجنة، التي تميز

<<  <  ج: ص:  >  >>