أعداء الرسالة الإلهية، من الكافرين والمشركين، ومن حذا حذوهم في جميع العصور، ووصف مواقفهم، وفضح أسرارهم في هذا الربع، عاد مرة أخرى إلى الحديث عن الصفات المستحسنة، التي تميز المؤمنين المفلحين عن غيرهم من الناس، فقال تعالى:{إِنَّ الَّذِينَ هُمْ مِنْ خَشْيَةِ رَبِّهِمْ مُشْفِقُونَ * وَالَّذِينَ هُمْ بِآيَاتِ رَبِّهِمْ يُؤْمِنُونَ * وَالَّذِينَ هُمْ بِرَبِّهِمْ لَا يُشْرِكُونَ * وَالَّذِينَ يُؤْتُونَ مَا آتَوْا وَقُلُوبُهُمْ وَجِلَةٌ أَنَّهُمْ إِلَى رَبِّهِمْ رَاجِعُونَ * أُولَئِكَ يُسَارِعُونَ فِي الْخَيْرَاتِ وَهُمْ لَهَا سَابِقُونَ}.
واهتم كتاب الله في نفس الموضوع بإبطال حجة واهية طالما تذرع بها أعداء الرسالة الإلهية، وهي طعنهم كلما جاءهم رسول من عند الله بأنه من جنس البشر، وليس من جنس الملائكة، ناسين أو متناسين أن الإنسان هو وحده الذي تحمل الأمانة عندما عرضها الله على السماوات والأرض والجبال فأبين أن يحملنها من بين كافة المخلوقات، وأن الرسالة الإلهية التي هي أجل الأمانات لا يمكن أن يبلغها إلى الناس إلا واحد منهم، وأن الله تعالى عندما يبعث إلى الناس بشرا رسولا إنما يسدي إليهم أكبر النعم، ويمن عليهم بأعظم المنن، حيث يرسل إليهم من أنفسهم من يكلمهم بلسانهم، ويتعرف على أحوالهم، ويصف العلاج الناجع لأدوائهم، ويمارس معهم شعائر الدين الذي جاء به من عند الله كواحد منهم وإمام لهم، ولو كان سكان الأرض من الملائكة لبعث الله إليهم رسولا منهم ليسهل الوفاق والوئام، ويتحقق التجانس التام، على حد قوله تعالى في سورة الإسراء: