للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

الشرك ورفض التوحيد دون استناد إلى حجة قاطعة، فإنهم يكونون محجوجين مغلوبين، ولا يحق لهم الاعتراض على ما يلقونه من العذاب الأليم يوم الدين، لا سيما والعثور على حجة تؤيد الشرك ضد التوحيد أمر مستحيل طبعا وشرعا، وإلى هذه المعاني يشير قوله تعالى بإيجاز وإعجاز: {وَمَنْ يَدْعُ مَعَ اللَّهِ إِلَهًا آخَرَ لَا بُرْهَانَ لَهُ بِهِ فَإِنَّمَا حِسَابُهُ عِنْدَ رَبِّهِ}. ويقرب من هذا النوع في التنازل أمام الخصم، لإعادة الكرة عليه، قوله تعالى في سورة سبإ: {وَإِنَّا أَوْ إِيَّاكُمْ لَعَلَى هُدًى أَوْ فِي ضَلَالٍ مُبِينٍ} [الآية: ٢٤]. وإنما جعل حساب المشرك " عند ربه " لا عند الناس، إشارة إلى أن عقابه بلغ إلى حيث لا يقدر على حسابه بما يستحق، إلا الله تعالى، لفظاعة جرمه في حق الله، قال تعالى: {إِنَّ الشِّرْكَ لَظُلْمٌ عَظِيمٌ} [لقمان: ١٣]، وقال تعالى: {إِنَّ اللَّهَ لَا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَنْ يَشَاءُ} [النساء: ٤٨].

وليوضح كتاب الله خطورة هذه العقاب الذي ينزل بالمكذبين والمشركين أصدر حكمه الفاصل في ختام هذه السورة فقال: {إِنَّهُ لَا يُفْلِحُ الْكَافِرُونَ}، في مقابلة الفاتحة التي جاءت في مطلعها تحمل البشرى للمؤمنين الموحدين بالفوز الأكبر، حيث قال تعالى: {قَدْ أَفْلَحَ الْمُؤْمِنُونَ}، وشتان ما بين تلك الفاتحة وهذه الخاتمة.

وختمت سورة الإيمان بخطاب الله لرسوله، وتلقينه دعاء قرآنيا كريما، يكون فيه لأمته إسوة حسنة، فقال تعالى: {وَقُلْ

<<  <  ج: ص:  >  >>