للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

رَبِّ اغْفِرْ وَارْحَمْ وَأَنْتَ خَيْرُ الرَّاحِمِينَ}. ويمكن فهم هذا الخطاب على أنه إذن من الله لرسوله بالاستغفار لأمته، فما منهم من أحد - كان مطيعا أو عاصيا - إلا وتقر عينه، وينشرح صدره، بدعاء خاتم النبيئين والمرسلين، على غرار قوله تعالى في سورة التوبة: {خُذْ مِنْ أَمْوَالِهِمْ صَدَقَةً تُطَهِّرُهُمْ وَتُزَكِّيهِمْ بِهَا وَصَلِّ عَلَيْهِمْ إِنَّ صَلَاتَكَ سَكَنٌ لَهُمْ} [الآية: ١٠٣] أي ادع لهم دعاء صالحا، ولا خاتمة أكمل وأفضل من مثل هذه الخاتمة، التي تؤذن بالانقطاع إلى الله تعالى، والالتجاء إلى عفوه وغفرانه، والأمل في رحمته وإحسانه.

والآن فلننتقل بعون الله وتوفيقه من تفسير سورة الإيمان المكية، إلى تفسير سورة النور المدنية، فنقول:

هذه السورة مدنية باتفاق، وسميت " سورة النور " لكثرة ذكر النور فيها، فقد جاء ضمن آياتها قوله تعالى: {اللَّهُ نُورُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ مَثَلُ نُورِهِ كَمِشْكَاةٍ فِيهَا مِصْبَاحٌ} [٥٣]، وقوله تعالى: {نُورٌ عَلَى نُورٍ يَهْدِي اللَّهُ لِنُورِهِ مَنْ يَشَاءُ}، [٥٣]، وقوله تعالى: {وَمَنْ لَمْ يَجْعَلِ اللَّهُ لَهُ نُورًا فَمَا لَهُ مِنْ نُورٍ} [٤٠].

ومن دقق النظر في موقع سورة النور بعد سورة الإيمان لا يصعب عليه أن يكتشف المناسبة الموجودة بين السورتين، فقد سبق في سورة المؤمنين المفلحين وصفهم بأنهم {لِفُرُوجِهِمْ حَافِظُونَ * إِلَّا عَلَى أَزْوَاجِهِمْ أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُمْ فَإِنَّهُمْ غَيْرُ مَلُومِينَ * فَمَنِ ابْتَغَى وَرَاءَ ذَلِكَ فَأُولَئِكَ هُمُ الْعَادُونَ} [الآيات:

<<  <  ج: ص:  >  >>