روحية وعقلية، وأنوار مادية وحسية. قال ابن عباس في تفسير هذه الآية {اللَّهُ نُورُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ}: " الله هادي السماوات والأرض، فهم بنوره يهتدون، وبهدايته من حيرة الضلالة ينجون ".
وكما من الله على المؤمنين من عباده بنور من عنده يكون لهم في حياتهم قرينا وخفيرا، إذ قال تعالى في سورة الزمر:{أَفَمَنْ شَرَحَ اللَّهُ صَدْرَهُ لِلْإِسْلَامِ فَهُوَ عَلَى نُورٍ مِنْ رَبِّهِ}[الآية: ٢٢] ضرب كتاب الله هنا أروع الأمثال لذلك النور الإلهي الذي يهتدي به المؤمن في كل حين، فشبه حاله وهو يقتبس من نور الله بالمشكاة، وهي الكوة غير النافذة التي يتوسطها مصباح قوي الضوء، شديد الإنارة، وهذا المصباح من زجاج شفاف في غاية اللمعان، والزيت الذي يوقد منه هذا المصباح أشد الزيوت صفاء وإشراقا، وجلاء وبريقا، حتى أنه ليكاد ينير ما حوله ببريقه وحده دون أن يوقده أحد، لأن الشجرة التي يستخلص منها ذلك الزيت شجرة مباركة، تتلقى من الهواء الذي تنمو فيه ما يساعدها على النضج التام، حتى يكون حملها أجود حمل، ودهنها أصفى دهن. قال ابن عطية " إنها في وسط الشجر لا تصيبها الشمس طالعة ولا غاربة، بل تصيبها بالغداة والعشي ". وهكذا تعاونت المشكاة والزجاجة والمصباح والزيت، مما ضرب الله به المثل، على تقوية هذا النور أضعافا مضاعفة، وواضح أن المصباح إذا كان في مكان ضيق كالمشكاة الممثل بها هنا كان أضوأ له وأجمع لنوره، بخلاف المكان المتسع، فإن الضوء ينبث فيه وينتشر، فيضعف أثره ويتضاءل، وإلى هذه المعاني مجتمعة يشير قوله