تبليغها أحب من أحب وكره من كره فإن كل فرد من أفراد البشر قد حمله الله أمانة الدين الحق، وهي أمانة لا يسوغ له التفريط فيها، ولا يسمح له بخيانتها وتجاهل أمرها، بل هو مسؤول عن صيانتها والحفاظ عليها وممارسة مقتضياتها قولا وعملا، وذلك ما يشير إليه قوله تعالى هنا:{قُلْ أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ فَإِنْ تَوَلَّوْا فَإِنَّمَا عَلَيْهِ} أي على الرسول {مَا حُمِّلَ وَعَلَيْكُمْ مَا حُمِّلْتُمْ وَإِنْ تُطِيعُوهُ تَهْتَدُوا وَمَا عَلَى الرَّسُولِ إِلَّا الْبَلَاغُ الْمُبِينُ}.
وليعرف المؤمنون المستقبل المشرق الذي ينتظرهم، ويتصوروا دنيا الإسلام الواسعة التي ستحتضن دينهم وحضارتهم، وما ستكون عليه دار الإسلام رغم سعتها وامتدادها عبر القارات من أمن واستقرار، ورفاهية وازدهار، أكد كتاب الله لهم بأقوى صيغ التأكيد أن ذلك أمر واقع، ليس له من دافع، كأنهم يرونه رأي العين، فقال تعالى:{وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَيَسْتَخْلِفَنَّهُمْ فِي الْأَرْضِ كَمَا اسْتَخْلَفَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ وَلَيُمَكِّنَنَّ لَهُمْ دِينَهُمُ الَّذِي ارْتَضَى لَهُمْ وَلَيُبَدِّلَنَّهُمْ مِنْ بَعْدِ خَوْفِهِمْ أَمْنًا}. لكن هذا الوعد الإلهي الذي هو حق وصدق وعد مقيد لا مطلق، فهو مرتبط بأمرين اثنين: الأمر الأول الإيمان، والأمر الثاني العمل الصالح. والإيمان يستلزم الإيمان بالله وبوحدانيته، وهي تتضمن وحدة الكون عموما، ووحدة النوع الإنساني خصوصا، ووحدة الرسالة الإلهية بالأخص، والإيمان بالله يستلزم الإيمان بدينه وشريعته، والإيمان بعدله وحكمته، والإيمان