للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

للقرآن، وتمسكها بعقائد غير مطابقة لعقائده، وحكمها بشرائع مناقضة لشرائعه، وأخذها في حياتها بسلوك منحرف دخيل لا يتفق مع مبادئه. وبديهي أن الله تعالى الذي اصطفى لرسالته محمدا من بين خلقه لا يهمل شكوى خاتم أنبيائه ورسله، وسيؤاخذ الذين هجروا الذكر الحكيم في الدنيا والآخرة، وهذه الشكوى الصارخة هي التي تضمنها قوله تعالى هنا: {وَقَالَ الرَّسُولُ يَا رَبِّ إِنَّ قَوْمِي اتَّخَذُوا هَذَا الْقُرْآنَ مَهْجُورًا}. و " قومه " صلى الله عليه وسلم يشمل أمته كلها من البداية إلى النهاية، سواء من عاصر الرسالة ومن جاء بعدها إلى يوم الدين.

أما عقاب من عامل كتاب الله بالهجران والنسيان، فقد جاء صريحا واضحا في قوله تعالى: {وَمَنْ أَعْرَضَ عَنْ ذِكْرِي فَإِنَّ لَهُ مَعِيشَةً ضَنْكًا وَنَحْشُرُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَعْمَى * قَالَ رَبِّ لِمَ حَشَرْتَنِي أَعْمَى وَقَدْ كُنْتُ بَصِيرًا * قَالَ كَذَلِكَ أَتَتْكَ آيَاتُنَا فَنَسِيتَهَا وَكَذَلِكَ الْيَوْمَ تُنْسَى * وَكَذَلِكَ نَجْزِي مَنْ أَسْرَفَ وَلَمْ يُؤْمِنْ بِآيَاتِ رَبِّهِ وَلَعَذَابُ الْآخِرَةِ أَشَدُّ وَأَبْقَى}. [طه: ١٢٤ - ١٢٧].

ومواساة من الله لرسوله حتى لا يلحقه فتور أو كسل، أو قنوط أو ملل، نبه كتاب الله إلى حقيقة تاريخية وإنسانية واجهها كافة الأنبياء والرسل، أثناء قيامهم بهداية الخلق، وحرصهم على تبليغ ما تلقوه عن الله من دين الحق، فقال تعالى: {وَكَذَلِكَ جَعَلْنَا لِكُلِّ نَبِيٍّ عَدُوًّا مِنَ الْمُجْرِمِينَ} ويلحق بالأنبياء عليهم الصلاة والسلام، في معاناة إصلاح الخلق وهدايتهم ورثتهم من بعدهم، الذين درجوا على سيرتهم. وواضح أن ما جرى على

<<  <  ج: ص:  >  >>