المثل يجري على المماثل، فخاتم الأنبياء والمرسلين، بالرغم مما يتمتع به من المقام المحمود عند ربه، لم يستثن من هذه القاعدة التي هي على عزيمة " أولي العزم " من الرسل وصدقهم شاهدة.
وكمثال لما تعرض له الأنبياء والرسل من أقوامهم، ومثال لما أصاب أولئك الأقوام من العذاب جزاء إصرارهم على تكذيب رسلهم، والتنقيص من مقامهم، جدد كتاب الله في هذا الربع الحديث عن قصة فرعون وقومه مع موسى، وقصة قوم نوح مع نوح، وقصة عاد مع هود، وقصة صالح مع ثمود، وقصة أصحاب الرس مع نبيهم، فقال تعالى:{وَلَقَدْ آتَيْنَا مُوسَى الْكِتَابَ وَجَعَلْنَا مَعَهُ أَخَاهُ هَارُونَ وَزِيرًا * فَقُلْنَا اذْهَبَا إِلَى الْقَوْمِ الَّذِينَ كَذَّبُوا بِآيَاتِنَا فَدَمَّرْنَاهُمْ تَدْمِيرًا * وَقَوْمَ نُوحٍ لَمَّا كَذَّبُوا الرُّسُلَ أَغْرَقْنَاهُمْ وَجَعَلْنَاهُمْ لِلنَّاسِ آيَةً وَأَعْتَدْنَا لِلظَّالِمِينَ عَذَابًا أَلِيمًا * وَعَادًا وَثَمُودَ وَأَصْحَابَ الرَّسِّ وَقُرُونًا بَيْنَ ذَلِكَ كَثِيرًا * وَكُلًّا ضَرَبْنَا لَهُ الْأَمْثَالَ وَكُلًّا تَبَّرْنَا تَتْبِيرًا}.
واستغرب كتاب الله موقف مشركي قريش الذين كانوا يسمعون عن مصارع بعض هؤلاء الأقوام، ولا سيما قوم لوط، حيث كان أولئك المشركون يمرون على مساكنهم الخالية في طريقهم إلى الشام، ثم لا يعتبرون بما أصابهم من الهلاك والتدمير، ولا يعيرون أي التفات لعاقبة الانحراف وسوء التدبير، فقال تعالى محذرا لهم ومذكرا: {وَلَقَدْ أَتَوْا عَلَى الْقَرْيَةِ الَّتِي أُمْطِرَتْ مَطَرَ السَّوْءِ أَفَلَمْ يَكُونُوا يَرَوْنَهَا بَلْ كَانُوا لَا يَرْجُونَ