المؤمنين إيمانا على إيمانهم، عندما يعرفون نجاة إخوانهم الذين سبقوهم بالإيمان في سالف الأزمان، ومما يزعزع ثقة المكذبين والكافرين بمعتقداتهم الباطلة، عندما يعرفون المصير المفجع الذي آل إليه أمر المكذبين بالرسالات الإلهية، في القرون الماضية، عسى أن يذكروا ويعتبروا، ويتراجعوا عن باطلهم ويزدجروا. وإلى هذا المغزى يشير قوله تعالى على لسان شعيب عليه السلام فيما سبق من سورة هود:{وَيَا قَوْمِ لَا يَجْرِمَنَّكُمْ شِقَاقِي أَنْ يُصِيبَكُمْ مِثْلُ مَا أَصَابَ قَوْمَ نُوحٍ أَوْ قَوْمَ هُودٍ أَوْ قَوْمَ صَالِحٍ وَمَا قَوْمُ لُوطٍ مِنْكُمْ بِبَعِيدٍ}[الآية: ٨٩]، وقوله تعالى فيما سبق من سورة التوبة:{أَلَمْ يَأْتِهِمْ نَبَأُ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ قَوْمِ نُوحٍ وَعَادٍ وَثَمُودَ وَقَوْمِ إِبْرَاهِيمَ وَأَصْحَابِ مَدْيَنَ وَالْمُؤْتَفِكَاتِ أَتَتْهُمْ رُسُلُهُمْ بِالْبَيِّنَاتِ فَمَا كَانَ اللَّهُ لِيَظْلِمَهُمْ وَلَكِنْ كَانُوا أَنْفُسَهُمْ يَظْلِمُونَ}[الآية: ٧٠].
والآن فلننظر ماذا استنكر كل رسول من قومه، وماذا واجهوا به من قول السوء:
- أما نوح عليه السلام فقد قضى عهدا طويلا في نصح قومه وتذكيرهم بآيات الله، ودعوتهم إلى دين الحق، لكنهم أصروا على ضلالهم، فلم يومن برسالته إلا قليل منهم، وقد حكى كتاب الله في سورة يونس، قول نوح لقومه:{يَا قَوْمِ إِنْ كَانَ كَبُرَ عَلَيْكُمْ مَقَامِي وَتَذْكِيرِي بِآيَاتِ اللَّهِ فَعَلَى اللَّهِ تَوَكَّلْتُ فَأَجْمِعُوا أَمْرَكُمْ وَشُرَكَاءَكُمْ}[الآية٧١]، وحكى كتاب الله في سورة هود قولهم لنوح: {قَالُوا يَا نُوحُ قَدْ جَادَلْتَنَا فَأَكْثَرْتَ جِدَالَنَا فَأْتِنَا بِمَا