عليه من العبث والاستهتار والإسراف في التشييد والبنيان، والتوسع في العمران، مع ممارسة البطش والتجبر والطغيان، والكفر بما أنعم الله به عليهم من النعم المتعددة الأصناف والألوان، وها هو كتاب الله يحكي ما وعظ به هود قومه إذ قال:{أَتَبْنُونَ بِكُلِّ رِيعٍ آيَةً تَعْبَثُونَ} والريع المكان المرتفع الذي يبدو من بعيد. {وَتَتَّخِذُونَ مَصَانِعَ لَعَلَّكُمْ تَخْلُدُونَ * وَإِذَا بَطَشْتُمْ بَطَشْتُمْ جَبَّارِينَ * فَاتَّقُوا اللَّهَ وَأَطِيعُونِ * وَاتَّقُوا الَّذِي أَمَدَّكُمْ بِمَا تَعْلَمُونَ * أَمَدَّكُمْ بِأَنْعَامٍ وَبَنِينَ * وَجَنَّاتٍ وَعُيُونٍ * إِنِّي أَخَافُ عَلَيْكُمْ عَذَابَ يَوْمٍ عَظِيمٍ} فما كان منهم إلا أن أجابوه جواب المصرين على إهمال دعوته، والإعراض عن رسالته {قَالُوا سَوَاءٌ عَلَيْنَا أَوَعَظْتَ أَمْ لَمْ تَكُنْ مِنَ الْوَاعِظِينَ * إِنْ هَذَا إِلَّا خُلُقُ الْأَوَّلِينَ * وَمَا نَحْنُ بِمُعَذَّبِينَ} وأوجز كتاب الله هنا في ذكر عاقبتهم، فقال تعالى:{فَكَذَّبُوهُ فَأَهْلَكْنَاهُمْ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَةً وَمَا كَانَ أَكْثَرُهُمْ مُؤْمِنِينَ}.
وأما صالح عليه السلام فقد استنكر من قومه ثمود ما هم عليه من الإسراف في الفساد، والتعنت والتفنن في النحت والبناء، والإغراق في سعة العيش والنعيم والرخاء، مع " الفقر الروحي " البارز في سلوك الآباء والأبناء، فهم لا يفكرون في أي عمل صالح، يقيهم النكبات والجوائح، وهم لا يقدرون الله حق قدره، لا يأتمرون بأمره، وها هو كتاب الله يحكي الخطاب الذي وجهه صالح إلى قومه إذ قال: {أَتُتْرَكُونَ فِي مَا هَاهُنَا آمِنِينَ * فِي جَنَّاتٍ وَعُيُونٍ * وَزُرُوعٍ وَنَخْلٍ طَلْعُهَا