للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

هَضِيمٌ} أي يانع نضيج {وَتَنْحِتُونَ مِنَ الْجِبَالِ بُيُوتًا فَارِهِينَ} أي فرحين آمنين مكر الله {فَاتَّقُوا اللَّهَ وَأَطِيعُونِ * وَلَا تُطِيعُوا أَمْرَ الْمُسْرِفِينَ * الَّذِينَ يُفْسِدُونَ فِي الْأَرْضِ وَلَا يُصْلِحُونَ}، فما كان منهم إلا أن أجابوه مكذبين متهمين، وطالبوه بتقديم دليل يدل على أنه من الصادقين: {قَالُوا إِنَّمَا أَنْتَ مِنَ الْمُسَحَّرِينَ * مَا أَنْتَ إِلَّا بَشَرٌ مِثْلُنَا فَأْتِ بِآيَةٍ إِنْ كُنْتَ مِنَ الصَّادِقِينَ} فأجابهم قائلا: {قَالَ هَذِهِ نَاقَةٌ لَهَا شِرْبٌ} أي لها حظ في الماء {وَلَكُمْ شِرْبُ يَوْمٍ مَعْلُومٍ * وَلَا تَمَسُّوهَا بِسُوءٍ فَيَأْخُذَكُمْ عَذَابُ يَوْمٍ عَظِيمٍ} وأوجز كتاب الله هنا في ذكر عاقبتهم، فقال تعالى: {فَعَقَرُوهَا فَأَصْبَحُوا نَادِمِينَ * فَأَخَذَهُمُ الْعَذَابُ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَةً وَمَا كَانَ أَكْثَرُهُمْ مُؤْمِنِينَ * وَإِنَّ رَبَّكَ لَهُوَ الْعَزِيزُ الرَّحِيمُ}.

وأما لوط عليه السلام فقد استنكر من قومه ما ابتدعوه دون بقية الناس من الانحراف والشذوذ، والخروج على كل ما هو متعارف بين البشر ومعهود، فقد خلق الله الذكر والأنثى ليكمل بعضهما بعضا، لا ليستغني أحدهما عن الآخر فيبطل حكمة الله ويرفض حكمه رفضا، إذ في ذلك ما فيه من ضياع النسل وانقطاع الذرية، وتعطيل الحكمة الإلهية، وكفى بهما بلية وأي بلية، قال تعالى: {وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُمْ مِنْ أَنْفُسِكُمْ أَزْوَاجًا لِتَسْكُنُوا إِلَيْهَا وَجَعَلَ بَيْنَكُمْ مَوَدَّةً وَرَحْمَةً إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ} [الروم: ٢١]. وها هو كتاب الله يحكي الخطاب الذي خاطب به لوط قومه منددا ببدعتهم، ومنذرا بسوء عاقبتهم: {أَتَأْتُونَ الذُّكْرَانَ مِنَ الْعَالَمِينَ * وَتَذَرُونَ مَا خَلَقَ لَكُمْ رَبُّكُمْ مِنْ أَزْوَاجِكُمْ بَلْ أَنْتُمْ قَوْمٌ

<<  <  ج: ص:  >  >>