للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

أَعْمَالَهُمْ فَهُمْ يَعْمَهُونَ} يشير إلى حقيقة نفسية واجتماعية دل عليها الاستقراء في القديم والحديث، ألا وهي أن كل شخص ليس عنده إيمان بالآخرة، ويعتقد أن حياته تنتهي عند حلول الموت، تزداد أنانيته حدة، ويزداد شرهه شدة، إذ يخيل إليه أن ذاته هي البداية والنهاية، وأن حياته في الدنيا ليست وسيلة وإنما هي في نفسها غاية، فلا يترفع عن طرق أي باب من الأبواب، ولا يتورع عن اتخاذ أحط الوسائل وأشنع الأسباب، لاختلاس أكبر قدر ممكن من المنافع والشهوات، وانتزاعها إن لم يكن بالحيلة فعن طريق العنف والجرائم والموبقات، لأن المجتمع في تصوره القاتم عبارة عن غابة موحشة وأدغال، وكل شيء في نظره القاصر مباح وحلال، ما دامت نهاية حياته القصيرة حسبما يخيل له خياله المريض هي التفسخ والفناء والانحلال. ووصف كتاب الله عاقبة هذا النوع التائه المنحرف فقال: {أُولَئِكَ الَّذِينَ لَهُمْ سُوءُ الْعَذَابِ وَهُمْ فِي الْآخِرَةِ هُمُ الْأَخْسَرُونَ}.

وليلفت كتاب الله نظر الشاكين والمكذبين إلى ما يتضمنه القرآن من الحق المبين، حتى يكونوا مما فيه على بينة ويقين، قال تعالى مخاطبا رسوله الكريم: {وَإِنَّكَ لَتُلَقَّى الْقُرْآنَ مِنْ لَدُنْ حَكِيمٍ عَلِيمٍ} و " الحكيم " لا يوحي إلا بالحكمة، و " العليم " لا ينطق إلا بالعلم، ومن لم ينتفع بما في القرآن من علم وحكمة بقي معدودا في عداد الجهلة والسفهاء، غريقا في أوحال المغالطات والجدل والمراء.

وقص كتاب الله على رسوله والمؤمنين حلقات أخرى من

<<  <  ج: ص:  >  >>