شُيُوخًا} [الآية: ٦٧]. وتصل مرحلة بلوغ الأشد إلى القمة عند بلوغ سن الأربعين، حيث تهيمن القوة العقلية على القوة الجسمية، قال الرازي:" فلهذا السر اختار الله تعالى هذا السن للوحي، ويروى أنه لم يبعث نبي إلا على رأس الأربعين سنة ". وقد اعتنى كتاب الله عناية خاصة بمرحلة الأربعين من حياة كل إنسان، وما ينتظر أن يبلغ فيها من وعي ونضج واستقامة، فقال تعالى فيما سيأتي من سورة الأحقاف:{حَتَّى إِذَا بَلَغَ أَشُدَّهُ وَبَلَغَ أَرْبَعِينَ سَنَةً قَالَ رَبِّ أَوْزِعْنِي أَنْ أَشْكُرَ نِعْمَتَكَ الَّتِي أَنْعَمْتَ عَلَيَّ وَعَلَى وَالِدَيَّ وَأَنْ أَعْمَلَ صَالِحًا تَرْضَاهُ وَأَصْلِحْ لِي فِي ذُرِّيَّتِي إِنِّي تُبْتُ إِلَيْكَ وَإِنِّي مِنَ الْمُسْلِمِينَ}[الآية: ١٥].
ويلاحظ أن كتاب الله صدر الآيات المتعلقة بمرحلة الفتوة والشباب في حياة موسى عليه السلام بذكر ما أنعم به عليه من الحكمة والفهم، وسجل اسمه في سجل المحسنين الخالدين من عباده، وكأن ذلك تمهيد لما سيقصه من الحادث الطارئ الذي أقض مضجع موسى قبل النبوة، وهو الحادث الذي لقي فيه على يده أحد الرعايا الفرعونيين مصرعه، عقب لكمة لم يكن ينتظر أن تؤدي إلى وفاته، وذلك حتى لا يسيء أحد الظن بموسى ولا ينتقص من مقامه الرفيع عند الله، فقد كانت تلك اللكمة تأديبا للظالم، وإغاثة للمظلوم، ونصرة للحق، وإلى هذه الحادثة يشير قوله تعالى:{وَدَخَلَ الْمَدِينَةَ عَلَى حِينِ غَفْلَةٍ مِنْ أَهْلِهَا} ووقت الغفلة يكون عادة إما في وقت القيلولة - في منتصف النهار - وإما بين العشاءين في الليل، عندما يتفرق الناس ويأوون