تهكم وسخرية، مشككا فيه وفي عقيدته إذ يقول:{وَإِنِّي لَأَظُنُّهُ مِنَ الْكَاذِبِينَ}.
ووصف كتاب الله ما كان عليه فرعون وجنود من عتو واستكبار، وإهدار لحقوق الخلق واستهتار ثم عقب على ذلك بإغراقهم في البحر وأخذهم أخذ عزيز مقتدر، جزاء وفاقا لكل طاغية متجبر، فقال:{وَاسْتَكْبَرَ هُوَ وَجُنُودُهُ فِي الْأَرْضِ بِغَيْرِ الْحَقِّ وَظَنُّوا أَنَّهُمْ إِلَيْنَا لَا يُرْجَعُونَ * فَأَخَذْنَاهُ وَجُنُودَهُ فَنَبَذْنَاهُمْ فِي الْيَمِّ}.
قال الزمخشري:" هذا من الكلام الفخم الذي دل به (كتاب الله) على عظمة شأنه، وكبرياء سلطانه، شبههم استحقارا لهم واستقلالا لعددهم وإن كانوا الكثر الكثير، والجم الغفير بحصيات أخذهن آخذ في كفه فطرحهن في البحر، ونحو ذل قوله تعالى:{وَالْأَرْضُ جَمِيعًا قَبْضَتُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَالسَّمَاوَاتُ مَطْوِيَّاتٌ بِيَمِينِهِ}[الزمر: ٦٧] وما هي إلا تصويرات وتمثيلات لاقتدراه، وأن كل مقدور وإن عظم وجل فهو مستصغر إلى جنب قدرته سبحانه وتعالى ".
وكما كافأ الله أئمة الهدى الذي يدعون الناس إلى الخير، فجعل لهم " لسان صدق " أي لسان " مدح ومبرة " في الآخرين، كافأ أئمة الضلال الذين يدعون الناس إلى الشر، وجعل لهم لسان " قدح ومعرة " في الدنيا ويوم الدين، وذلك قوله تعالى:{وَجَعَلْنَاهُمْ أَئِمَّةً يَدْعُونَ إِلَى النَّارِ وَيَوْمَ الْقِيَامَةِ لَا يُنْصَرُونَ * وَأَتْبَعْنَاهُمْ فِي هَذِهِ الدُّنْيَا لَعْنَةً وَيَوْمَ الْقِيَامَةِ هُمْ مِنَ الْمَقْبُوحِينَ}.