فهو ولد إسحاق وحفيد إبراهيم الأظهر، مصداقا لقوله تعالى في آية أخرى:{أَمْ كُنْتُمْ شُهَدَاءَ إِذْ حَضَرَ يَعْقُوبَ الْمَوْتُ إِذْ قَالَ لِبَنِيهِ مَا تَعْبُدُونَ مِنْ بَعْدِي قَالُوا نَعْبُدُ إِلَهَكَ وَإِلَهَ آبَائِكَ إِبْرَاهِيمَ وَإِسْمَاعِيلَ وَإِسْحَاقَ إِلَهًا وَاحِدًا وَنَحْنُ لَهُ مُسْلِمُونَ}[البقرة: ١٣٣] وعم فضل الله وكرمه إبراهيم وذريته، فاتخذ الله إبراهيم خليلا، وجعله للناس إماما، وجعل في ذريته النبوءة والكتاب، وذلك قوله تعالى:{وَجَعَلْنَا فِي ذُرِّيَّتِهِ النُّبُوَّةَ وَالْكِتَابَ}. والمراد " بالكتاب " هنا جنس الكتاب، فيدخل تحته كل ما نزل على ذرية إبراهيم من الكتب الأربعة، التي هي التوراة والزبور والإنجيل والقرآن، ومن أبرز البارزين في ذريته الطاهرة ابنه إسماعيل الذبيح عليه السلام، الذي اختار الله لختم نبوته ورسالته، نبيا من أرومته وسلالته، فتحققت على يده دعوة أبيه إبراهيم، ونال من ربه كل ثناء وتكريم.
ثم نوه كتاب الله بالمقام المحمود الذي خص به إبراهيم، فقال تعالى:{وَآتَيْنَاهُ أَجْرَهُ فِي الدُّنْيَا} قال عكرمة: معنى {وَآتَيْنَاهُ أَجْرَهُ فِي الدُّنْيَا} إجماع أهل الملل عليه، فالملل كلها تدعيه وتقول هو منا "، وقال فخر الدين الرازي: " قد بدل الله أحوال إبراهيم في الدنيا بأضدادها، فبعدما كان وحيدا فريدا معرضا من قومه لعذاب النار بدل الله وحدته بالكثرة، حتى ملأ الدنيا من ذريته، وبعدما كان أقاربه الأقربون ضالين مضلين ومن جملتهم آزر بدله الله منهم بذريته، فجعل فيهم النبوة والكتاب، وبعد أن كاد يكون شخصا مجهولا حتى قال قائلهم: " سمعنا فتى يذكرهم