يقال له إبراهيم " أصبح " إمام المرسلين " وصارت الصلاة عليه تقرن بالصلاة على سائر الأنبياء إلى يوم الدين " وإلى هذا المعنى يشير قوله تعالى في نفس السياق: {وَإِنَّهُ فِي الْآخِرَةِ لَمِنَ الصَّالِحِينَ}.
وواضح أن كتاب الله عندما ساق قصة إبراهيم التي تمثل منتهى الصبر والثبات على الدين الحق، ووصف لنبيه بدايتها ونهايتها، إنما أراد ان يقدم له نموذجا مثاليا يستحق أن يكون له خير أسوة وقدوة، في البداية والنهاية، وإذا كان الله سبحانه قد بارك لإبراهيم في هجرته، وبارك له في ذريته، وآتاه أجره في الدنيا وجعله في الآخرة من الصالحين، فإن خاتم الأنبياء والمرسلين الذي أرسله الله بالملة الحنيفية السمحة، سينال من ربه الجزاء الأوفى في دنياه، والمقام المحمود في أخراه، وسيبارك له في هجرته، كما يبارك له في ذريته، وسيرفع ذكره في العالمين، كما جعل لإبراهيم " لسان صدق " في الآخرين.
ومن قصة إبراهيم انتقل كتاب الله إلى قصة لوط، ولا غرابة في ذلك، فبين القصتين ارتباط ناشئ عن القرابة الروحية والعائلية القائمة بين الاثنين، حتى ان إبراهيم لما أخبره الملائكة بأنهم موكلون بإهلاك قوم لوط والقضاء على قريتهم الظالمة انزعج لذلك، خوفا من ان يشمل عقاب الله لهم لوطا نفسه، ولم تنسه البشرى الخاصة به وبأهله، التي حملها إليه الملائكة الكرام، ما يمكن ان يتعرض له لوط وأهله من الخطر، وذلك ما ينطق به كتاب الله تعالى وهو يصفه إذ يقول: {وَلَمَّا جَاءَتْ رُسُلُنَا إِبْرَاهِيمَ