واقتصر كتاب الله عند وصف الحوار الذي دار بين لوط وقومه في هذه السورة على موضوع الشذوذ والانحراف، الذي بلغوا به حد " الاسراف "، من دون ان يشير إلى ما كان يدعوهم إليه في نفس الوقت من توحيد الله وعبادته، والتمسك بطاعته، مما أثبته على لسانه في سور أخرى، إذ كان يقول لهم:{اعْبُدُوا اللَّهَ مَا لَكُمْ مِنْ إِلَهٍ غَيْرُهُ}، فقال تعالى حكاية عن لوط وهو يصف شناعة أحوالهم، وفحش أعمالهم وأقوالهم:{وَلُوطًا إِذْ قَالَ لِقَوْمِهِ إِنَّكُمْ لَتَأْتُونَ الْفَاحِشَةَ مَا سَبَقَكُمْ بِهَا مِنْ أَحَدٍ مِنَ الْعَالَمِينَ * أَئِنَّكُمْ لَتَأْتُونَ الرِّجَالَ وَتَقْطَعُونَ السَّبِيلَ وَتَأْتُونَ فِي نَادِيكُمُ الْمُنْكَرَ}.
وقد وصف كتاب الله على لسان لوط هنا وفي سورتين أخريين الحرب العوان التي أشهرها على الشذوذ الجنسي، فظلت قائمة ضده في كل مكان وكل زمان، وقد أطلق عليه هنا لفظ " الفاحشة " معرفا " بأل " الدالة على ان هذه الشهوة الخسيسة بلغت الغاية في الفحش والقبح، لكونها أمرا يشمئز منه الطبع السوي، وتنفر منه الفطرة السليمة، بينما وصف كتاب الله معصية الزنى بكونها " فاحشة "، وأتى بلفظ الفاحشة منكرا من دون " تعريف بأل "، فقال تعالى:{وَلَا تَقْرَبُوا الزِّنَا إِنَّهُ كَانَ فَاحِشَةً وَسَاءَ سَبِيلًا}