ونبه كتاب الله على أن من نسب ولدا إلى غير أبيه وكان ذلك صادرا منه على وجه الخطأ لا على وجه العمد، فإنه لا إثم عليه، لكن المتعمد لنسبة الولد إلى غير أبيه، مثل متبنيه، قاصدا لذلك مصرا عليه، سيؤاخذ بما تورط فيه من قول الزور، ما لم يتب إلى الله، وذلك معنى قوله تعالى هنا:{وَلَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ فِيمَا أَخْطَأْتُمْ بِهِ وَلَكِنْ مَا تَعَمَّدَتْ قُلُوبُكُمْ}.
والحكمة في تحريم (التبني) ومنعه شرعا منعا باتا أن مرتكبه يعمل على إفساد الأنساب واختلاطها، بدلا مما أمر الله به من حفظ الأنساب وصيانتها، كما يعمل على انتزاع الحقوق من أهلها وتمكين الغير منها دون حق، لأنه يجعل ولد الغير ولدا للطلب، وبذلك يصبح غير المحارم، من زوجة المتبني وأولاده الأصليين، وقرابته الأقربين، محارم لمن تبناه، وهو في الحقيقة أجنبي عنهم، يحل لهم منه ما يحل منهم لغيره، ويصبح الولد المتبنى شريكا لهم في الإرث، دون أن يكون له أدنى حق فيه، إلى غير ذلك من التعقيدات والمضاعفات التي تغير طابع الأسرة المسلمة، وتفسد نظامها من الأساس، وإذا كان الإسلام قد أقفل باب التبني ولم يأذن به لما يترتب عليه من مفاسد ومضار، فإنه فتح باب الإحسان في وجه من يريد الإحسان لأطفال المسلمين، ولو كانوا مجهولي الآباء، متى تعرض المجتمع الإسلامي لآفات اجتماعية، أو كوارث طبيعية، وذلك بتربيتهم وتعليمهم، والأخذ بيدهم في