والمماحكة فيما لا يوافق هواهم من الأمور، يلحون في السؤال عن قيام الساعة: إما سؤال استبعاد يتضمن التكذيب والإنكار، وإما سؤال استعجال وتحد يراد منه الامتحان والاختبار، لكن الله تعالى الذي عنده وحده علم الساعة يلقن رسوله الجواب الوحيد عن مثل هذا السؤال، تفاديا من كل مماحكة وجدال، وذلك قوله تعالى:{يَسْأَلُكَ النَّاسُ عَنِ السَّاعَةِ قُلْ إِنَّمَا عِلْمُهَا عِنْدَ اللَّهِ} إذ لم يطلع عليها ملكا ولا نبيا، {وَمَا يُدْرِيكَ}، أي: ما يعلمك، {لَعَلَّ السَّاعَةَ تَكُونُ قَرِيبًا}، أي: تأتي في وقت قريب، على غرار قوله تعالى في آية ثانية (١: ٥٤): {اقْتَرَبَتِ السَّاعَةُ وَانْشَقَّ الْقَمَرُ}، وقوله تعالى في آية ثالثة (١: ٢١): {اقْتَرَبَ لِلنَّاسِ حِسَابُهُمْ وَهُمْ فِي غَفْلَةٍ مُعْرِضُونَ}، وفي إجابة السائلين عن الساعة بقرب موعدها - ولو دون تحديد - نوع من الوعيد والتهديد، وثبت في الحديث الصحيح أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:(بعثت أنا والساعة كهاتين) وأشار إلى السبابة والوسطي من يده الكريمة، تلميحا إلى أن الرسالة التي جاء بها من عند الله لا يفصل بينها وبين قيام الساعة أي حاجز حصين، وأنها مستمرة دون انقطاع إلى يوم الدين.
وبعدما أكد كتاب الله قيام الساعة وقرب موعدها تولى وصف أحوال المكذبين بها عندما يفاجأون بما لم يكونوا ينتظرونه من الحساب والعقاب، فقال تعالى في شأن أئمة الكفر وقادة الضلال: {إِنَّ اللَّهَ لَعَنَ الْكَافِرِينَ وَأَعَدَّ لَهُمْ سَعِيرًا * خَالِدِينَ فِيهَا أَبَدًا لَا يَجِدُونَ وَلِيًّا وَلَا نَصِيرًا * يَوْمَ تُقَلَّبُ وُجُوهُهُمْ فِي النَّارِ