يَقُولُونَ يَا لَيْتَنَا أَطَعْنَا اللَّهَ وَأَطَعْنَا الرَّسُولَا}، وقال تعالى في شأن أتباعهم المضللين وأنصارهم المخدوعين:{وَقَالُوا رَبَّنَا إِنَّا أَطَعْنَا سَادَتَنَا وَكُبَرَاءَنَا فَأَضَلُّونَا السَّبِيلَا * رَبَّنَا آتِهِمْ ضِعْفَيْنِ مِنَ الْعَذَابِ وَالْعَنْهُمْ لَعْنًا كَبِيرًا}، فيتبرأ المرؤوسون من رؤسائهم، والأتباع من سادتهم وكبرائهم، ويصبون عليهم وابل اللعنات، لما أوقعوهم فيه من المتاعب والحسرات، وكما سجل كتاب الله في هذه الآية تبرؤ الأتباع من المتبوعين، سجل كتاب الله في آية أخرى تبرؤ المتبوعين من أتباعهم، فقال تعالى (١٦٦: ٢): {إِذْ تَبَرَّأَ الَّذِينَ اتُّبِعُوا مِنَ الَّذِينَ اتَّبَعُوا وَرَأَوُا الْعَذَابَ وَتَقَطَّعَتْ بِهِمُ الْأَسْبَابُ}.
وتوكيدا للنهي عن الأذى بسائر أشكاله وأصنافه، مما تحدثت عنه عدة آيات سابقة في هذه السورة، جاء كتاب الله في هذا الربع بنهي عام شامل عن جميع أنواع الأذى، ولا سيما أذى الرسول الأعظم، وأذى الرسول يصدق بانتحال كل ما يخالف عقيدته وشريعته، والنطق بما يناسب مقامه وشخصيته، ونبه كتاب الله إلى أن وجود فئة شريرة وسيئة النية تؤذي الأنبياء والرسل ليس أمرا طارئا ولا غريبا، فقد تعرض موسى الكليم عليه السلام لأذى بني إسرائيل في عدة مناسبات، كما تعرض الرسول الأعظم أحيانا لأذى قومه وأذى مخالفيه ولم يضره ذلك:{وَدَعْ أَذَاهُمْ وَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ}، لكن الأذى الواقع في حقه يجر صاحبه إلى الهلاك، وإلى هذا النهي العام يشير قوله تعالى:{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَكُونُوا كَالَّذِينَ آذَوْا مُوسَى فَبَرَّأَهُ اللَّهُ مِمَّا قَالُوا وَكَانَ عِنْدَ اللَّهِ وَجِيهًا}، ومن هذا الباب حديث الرجل الذي قال في غيبة