الرسول عليه الصلاة والسلام، تعليقا على قسم قسمه:(إن هذه لقسمة ما أريد بها وجه الله)، فغضب رسول الله صلى الله عليه وسلم عندما بلغه الخبر، فقال:(رحم الله أخي موسى، لقد أوذي بأكثر من هذا فصبر) والحديث مروي في صحيح البخاري وصحيح مسلم.
وإذا كان الله تعالى لا يرضى لعباده المؤمنين أن يتورطوا في أي نوع من أنواع الأذى، فإن أفضل ما يتقربون به إليه هو النطق بالكلام الطيب، والإقبال على العمل الصالح، وذلك ما وصى به كتاب الله عندما قال:{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلًا سَدِيدًا * يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ}، فقد دعا المؤمنين إلى التمسك بتقوى الله، حذرا من مكايد الشيطان، ودعاهم إلى السداد في القول، بالتزام الحق والصدق وعفة اللسان، ضمانا لحسن المعاملة والبعد عن الشنآن، وتوثيقا لعرى التفاهم بين الإنسان وأخيه الإنسان:(والقول السديد) الوارد في هذه الآية الكريمة مأخوذ من تسديد السهم ليصاب به الغرض، يقال سدد السهم نحو الرمية إذا لم يعدل عن سمتها، وفي ذلك تنبيه إلى أن المؤمن لا ينبغي له أن يتكلم بالعبث، ولا أن يلقي الكلام جزافا دون روية ولا تفكير، بل من واجبه أن يتحرى في القول، وأن لا يقول إلا حقا وصدق، ولم يقتصر كتاب الله على الأمر بالتقوى وسداد القول، بل بين في نفس السياق حكمة هذا الأمر الإلهي الحكيم، وما يؤدي إليه امتثاله في الدنيا والآخرة من الفوز العظيم، فمن نتائجه المباشرة توفيق المؤمن وتوجيهه إلى ممارسة العمل الصالح بصورة مستمرة، بحيث تصبح أعماله كلها موجهة